زهد و ورع و عبادت

ابن تیمیه d. 728 AH
181

زهد و ورع و عبادت

الزهد والورع والعبادة

پژوهشگر

حماد سلامة، محمد عويضة

ناشر

مكتبة المنار

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٠٧

محل انتشار

الأردن

ژانرها

عرفان
وَالْأَصْل أَن يفرق بَين مَا كَانَ مجامعا لأصل الايمان وَمَا كَانَ منافيا لَهُ وَيفرق أَيْضا بَين مَا كَانَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ فَلم يفعل وَبَين مَا لم يتْرك الا للعجز عَنهُ فهذان الْفرْقَان هما فصل فِي هَذِه المواضيع المشتبهة وَقد ظهر بِهَذَا التَّفْصِيل أَن أصل النزاع فِي الْمَسْأَلَة انما وَقع لكَوْنهم رَأَوْا عزما جَازِمًا لَا يقْتَرن بِهِ فعل قطّ وَهَذَا لَا يكون الا اذا كَانَ الْفِعْل مُقَارنًا للعزم وان كَانَ الْعَجز مُقَارنًا للارادة الجازمة لما هُوَ عَاجز عَنهُ ممتنعة أَيْضا فَمَعَ الارادة الجازمة يُوجد مَا يقدر عَلَيْهِ من مُقَدمَات الْفِعْل ولوازمه وان لم يُوجد الْفِعْل نَفسه والانسان يجد من نَفسه أَن مَعَ قدرته على الْفِعْل يقوى طلبه والطمع فِيهِ وارادته وَمَعَ الْعَجز عَنهُ يضعف ذَلِك الطمع وَهُوَ لَا يعجز عَمَّا يَقُوله ويفعله على السوَاء وَلَا عَمَّا يظْهر على صفحات وَجهه وفلتات لِسَانه مثل بسط الْوَجْه وتعبسه واقباله على الشَّيْء والاعراض عَنهُ وَهَذِه وَمَا يشبهها من أَعمال الْجَوَارِح الَّتِي يَتَرَتَّب عَلَيْهَا الذَّم وَالْعِقَاب كَمَا يَتَرَتَّب عَلَيْهَا الْحَمد وَالثَّوَاب وَبَعض النَّاس يقدر عزما جَازِمًا لَا يقْتَرن بِهِ فعل قطّ وَهَذَا لَا يكون الا لعجز يحدث بعد ذَلِك من موت أَو غَيره فسموا التصميم على الْفِعْل فِي الْمُسْتَقْبل عزما جَازِمًا وَلَا نزاع فِي اطلاق الْأَلْفَاظ فان من النَّاس من يفرق بَين الْعَزْم وَالْقَصْد فَيَقُول مَا قَارن الْفِعْل فَهُوَ قصد وَمَا كَانَ قبله فَهُوَ عزم وَمِنْهُم من يَجْعَل الْجَمِيع سَوَاء وَقد تنازعوا هَل تسمى ارادة الله لما يَفْعَله فِي الْمُسْتَقْبل فَلَا بُد حِين فعله من تجدّد ارادة غير الْعَزْم الْمُتَقَدّم وَهِي الارادة المستلزمة لوُجُود الْفِعْل مَعَ الْقُدْرَة وَتَنَازَعُوا أَيْضا هَل يجب وجود الْفِعْل مَعَ الْقُدْرَة والداعي وَقد ذكرُوا أَيْضا فِي ذَلِك قَولَانِ

1 / 191