من أمر أو نهي فيعطف عليه حينئذ. ولا يحتاج إلى ما قال صاحب المفتاح (1) فيه : أن «بشر» معطوف على «قل» مضمرا قبل قوله تعالى : ( يا أيها الناس اعبدوا ربكم ) إذ إضمار القول غير عزيز في القرآن. انتهى كلامه.
أو معطوف على «فاتقوا» ، لأن الكفار المعاندين إذا لم يأتوا بما يعارض القرآن بعد التحدي ظهر إعجازه ، وإذا ظهر ذلك فمن كفر به استوجب العقاب ، ومن آمن به استحق الثواب ، وذلك يستدعي أن يخوف هؤلاء ويبشر هؤلاء. وهذا كما تقول : يا بني تميم احذروا عقوبة ما جنيتم ، وبشر يا فلان بني أسد بإحساني إليهم. وإنما أمر الرسول صلى الله عليه وآلهوسلم أو عالم كل عصر أو كل أحد يقدر على البشارة بأن يبشرهم ، ولم يخاطبهم بالبشارة كما خاطب الكفرة ، تفخيما لشأنهم ، وإيذانا بأنهم أحقاء بأن يبشروا ويهنؤا بما أعد لهم.
والبشارة الخبر السار ، فإنه يظهر أثر السرور في البشرة ، ولذلك قال الفقهاء الكرام : البشارة هي الخبر الأول ، حتى إذا قال الرجل لعبيده : من بشرني بقدوم ولدي فهو حر ، فأخبروه فرادى عتق أولهم ، ولو قال : من أخبرني ، عتقوا جميعا. وأما قوله تعالى : ( فبشرهم بعذاب أليم ) (2) فعلى التهكم.
والصالحات جمع صالحة. وهي من الصفات الغالبة التي تجري مجرى الأسماء من حيث إنه لا يذكر معها موصوف كالحسنة. وهي من الأعمال ما حسنه الشرع. وتأنيثها على تأويل الخصلة. واللام فيها للجنس ، لكن يعتبر الحال (3) لكل شخص ما يجب عليه ، فإن بعضهم لا يجب عليه الزكاة أو الحج أو غير ذلك.
وعطف العمل على الإيمان إشعارا بأن السبب في استحقاق هذه البشارة
صفحه ۹۳