إبراهيم رب أرني ) بصرني ( كيف تحي الموتى ) إنما سأل ذلك ليصير علمه عيانا. وقيل : لما قال نمرود : أنا أحيي وأميت ، قال له : إن إحياء الله برد الروح إلى بدنها ، فقال نمرود : هل عاينته؟ فلم يقدر أن يقول : نعم ، وانتقل إلى تقرير آخر ، ثم سأل ربه أن يريه ليطمئن قلبه على الجواب إن سئل عنه مرة أخرى.
وعن أبي عبد الله عليه السلام : «أنه رأي جيفة تمزقها السباع ، فيأكل منها سباع البر وسباع الهواء ودواب البحر ، فسأل الله تعالى فقال : يا رب قد علمت أنك تجمعها من بطون السباع والطير ودواب البحر ، فأرني كيف تحييها لأعاين ذلك».
( قال أولم تؤمن ) بأني قادر على الإحياء بإعادة التركيب والحياة. قال له ذلك وقد علم أنه أغرق الناس في الإيمان ليجيب بما أجاب به ، فيعلم السامعون غرضه. والهمزة للتقرير. ( قال بلى ) إيجاب بعد النفي ، معناه : بلى آمنت ( ولكن ليطمئن قلبي ) أي : ولكن سألت ذلك لأزيد طمأنينة وسكونا ، بمضامة العلم الضروري العلم الاستدلالي ، وتظاهر الأدلة أزيد للبصيرة واليقين. فأراد بطمأنينة القلب العلم الضروري الذي لا مجال فيه للشك. واللام تعلقت بمحذوف ، تقديره : سألت ذلك ليطمئن قلبي.
( قال فخذ أربعة من الطير ) طاووسا وديكا وغرابا وحمامة. ومنهم من ذكر النسر بدل الحمامة. وفيه إيماء إلى أن إحياء النفس بالحياة الأبدية إنما يتأتى بإماتة حب الشهوات والزخارف الذي هو صفة الطاووس ، والصولة المشهور بها الديك ، وخسة النفس وبعد الأمل المتصف بهما الغراب ، والترفع والمسارعة إلى الهوى الموسوم بهما الحمامة. وإنما خص الطير لأنه أقرب إلى الإنسان ، وأجمع لخواص الحيوان. والطير مصدر سمي به ، أو جمع كصحب.
( فصرهن إليك ) فأملهن واضممهن إليك لتتأملها وتعرف شأنها ، لئلا تلتبس عليك بعد الإحياء. وقرأ حمزة ويعقوب : فصرهن بالكسر. وهما لغتان. ( ثم اجعل
صفحه ۴۱۵