أو أمركم بمعنى مأموركم ، تسمية للمفعول بالمصدر ، كضرب الأمير.
( قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها ) الفقوع خلوص الصفرة بحيث لا يشوبها شيء من لون آخر ، ولذلك تؤكد به فيقال : أصفر فاقع ، كما يقال : أسود حالك ، وأبيض يقق ، وأحمر قانئ ، وأخضر ناضر ومدهام. وفي إسناده إلى اللون وهو صفة صفراء لملابسته بها فضل تأكيد ، كأنه قيل : صفراء شديدة الصفرة صفرتها ، فهو من قولك : جد جده ، وجنونك مجنون.
عن وهب : إذا نظرت إليها خيل إليك أن شعاع الشمس يخرج من جلدها. عن علي صلوات الله عليه : من لبس نعلا صفراء قل همه ، لقوله تعالى : ( تسر الناظرين ) أي : تعجبهم وتفرحهم ، لحسن لونها. والسرور أصله لذة في القلب عند حصول نفع أو توقعه ، مشتق من السر. وكذا عن الصادق عليه السلام : من لبس نعلا صفراء لم يزل مسرورا حتى يبليها ، ثم تلا هذه الآية.
وقوله : ( قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي ) تكرير للسؤال الأول ، واستكشاف زائد عن الأول ، وقوله تعالى : ( إن البقر تشابه علينا ) اعتذار عن تكرير السؤال ، أي : إن البقر الموصوف بالتعوين والصفرة الفاقعة كثير ، فاشتبه علينا ، فأي فرد منه نذبح؟! ( وإنا إن شاء الله لمهتدون ) إلى المراد ذبحها ، أو إلى القاتل.
واعلم أن المراد من كلمة الاستثناء هاهنا التيمن والتبرك ، وإظهار فرط رغبتهم في الاهتداء ، كما هو واقع في المحاورات والمقاصد بين الناس. ويؤيده ما في الحديث : لو لم يستثنوا لما بينت لهم آخر الأبد ، أي : لو لم يقولوا : إن شاء الله ، وإلا لم يكن للشرط بعد الأمر معنى ، لأن الأمر مفيد لإيقاع الفعل قطعا ، ومستلزم للإرادة كما هو مذهبنا ، وكلمة «إن» للتردد بين الإيقاع وعدمه. وحينئذ لا يكون
صفحه ۱۶۷