ذكر الدولة القاهرة التركية وابتدائها بالديار المصرية، وانتشارها في البلاد الشامية، واستيلائها على الثغور الساحلية، وامتدادها إلى الممالك الحلبية والفراتية، وقيامها بنصر الملة الاسلامية، وإقامة الدولة العباسية من لدن الخلافة المستعصمنية وذلك من استقبال سنة خمسين وستمائة
استمددت العون من ذي الجلال والاقتدار، واستوفيت ما اخترته من صحيح الأخبار في كتابي هذا الذي غنيت بجمعه، و كلفت بوضعه و سميته «زبدة الفكرة في تأريح الهجرة» وسقته بتوالي سنى الملة المحمدية، حتى انتهى إلى بداية الدولة المنيرة التركية القائمة الآن بالممالك الاسلامية، أعز الله أنصارها وأعلى منارها وزوى إليها أفاق البلاد وأقطارها، وأرجاء الأقاليم وأمصارها، حتى يحوى سلطانها الأداني والأقاصى، وينقاد لطاعتها الجانح والعاصى، وتأخذ الأعداء بالنواصى، وتستنزل المعاند من القلل والصياصي، فإنها دولة تداركت رمقة الاسلام، وأنارت وجوه الليالي والأيام، وجردت للاعتزام كل حسام، ورتقت كل فتق قصر دونه الاهتمام:
الأول، واستحكمت أراخي تدبيرها بعون قدرها ومجري مقاديرها فسلمت من الخطأ والخلل:
صفحه ۱
واستفحال أمرها، وتدبير ملوكها، وانتظام سلوكها، أن أذكر مبدأ أحوال هذه الطائفة، الذين قلدهم الله بسياستها، وأنهضهم بتدبير رياستها، وأجلاهم من بلادهم الشاسعة وأقطارهم الواسعة، وساقها إليهم بحكمته، وقاد إليهم أمرها بأزمته، بأسباب: مشتملة على حكم لا تدرك العقول أغوارها، ولا تبلغ الخواطر أسرارها، حتى حقن بهم الدماء، وسكن الدهماء، وصير صغارهم كبارا لقوم آخرين، ومقهوريهم لعزة قاهرين، ومن على المستضعفين منهم بتوريثهم مالك الاسلام وذهم عن حوزة أهل بيت نبيه عليه و السلام، تصديقا لأخباره و تحقيقا لآثاره المنيفات المدونة عن الثقات أنه لا تزال فئة تقاتل عن هذا الدين ظاهرة إلى يوم القيامة.
صفحه ۲
العبيدية من الملوك المسمين بالعلوية إلى الذرية الأيوبية، كما كر مساقا، وأوردناه اتساقا، فلما شا الله عز وجل انقراضها، وقضى بانتفاضها، وسبق في علمه أن صلاح الناس في تولية أولى النجدة والباس، وأين الأتراك أوفر الأجناسي عقلا وحزما، وأن في هدايتهم إلى الايمان صلاخا خاصة وعاما، فشات قدرته أن ينقل طائفة منهم من أطلالهم بل من ضلالهم ويرشدها إلى مصالح ليشيد بها أركان دينه القويم، ويخرجها إلى نور الايمان من ظلم الكفر البهيم. فاتفق من هذا) ظهور التتار واستيلا وهم على البلاد المشرقية والشمالية، وتعديهم إلى الأتراك القفجائية) فأوقعوا بهم ما قدمنا ذكره من الوقائع وأوردوهم من القتل والسبي والأسر أمر الشرايع، فببعت ذراري الترك القفجاق، وجلبهم التجار إلى الآفاق، سيق منهم إلى الديار المصرية والبلاد الشامية في آخر الدولة الأيوبية جموع من الشبان وأواسط الفتيان، فاشتراهم ملوك بني أيوب بأنفس الأثمان ليتجملوا بهم في المواكب ويعتضدوا بهم في الكتاب، واتخذوهم عدة في النوايب لما فيهم من الشجاعة والاقدام و ثبات الأقدام ورمي السهام، ودربتهم برياضة الخيول، وصبرهم على الخطب المهول، واعتيادهم بشظف الحروب وممارستهم منذ طفولتهم الخطوب، وصيروا منهم الأمرا الأكابر والمقدمين على العساكر، ورفعوا منازلهم وحصلوا بهم معاقلهم. وأول من اهتم بتحصيلهم واحتفل بتجميلهم الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب وأخوه الملك العادل أبو بكر، ثم ولده الكامل والأشرف والمعظم. فلما أفضت المملكة إلى ولده الصالح نجم الدين، استكثر منهم استكثارا بذل فيه المجهود، وبلغ منهم المقصود. فبذل فيهم الأموال العظيمة، ولم يتوقف عند شرائهم في كثرة القيمة، واعتمد عليهم لما جرب من نضحهم له، وثباتهم حوله، واشتمالهم عليه حين أسلمه بنو جنسه، وذهم عنه حتى سلم الله بهم حشاشة نفسه على ما ذكرناه من واقعته، فألفاهم من أهله أنفع، ومن أوليا نعمته له أطوع، وإلى مناصرته و ومظافرته أشرع، فتكتل عنده منهم العدة الوافرة، وصارت له بهم الهيبة الظاهرة، حتى انقضت أيامه ودني حمامه، فقضى نحبه ولحق ربه، فأساء ولده معهم التدبير، واعتمد التبذير، وبذل لسانه في مذمتهم والوعيد بازالة نعمتهم، فحملهم ما رواه من بعض رأيه [علي] ما ذكرناه من أنبايه، فكان كالباحث عن حتفه بظلفه والجاد ع مارن أنفه بكفه، ولم يسمع قول القايل:
المقدور جري بتلك الأمور وأنشد في المعنى:
صفحه ۳
البيت الأيوبي ولا يخرج عنه، فألقوا إلى زوجة الملك الصالح المسماة «شجر الدر» المقاليد، وقالوا: هذه عوض مولانا الشهيد، ونحن لها كما كنا له كالعبيد، واستمرت برهة من الزمان عليها يمة السلطان، فكانوا أطوع لها من البنان، وأحنى عليها من الجنان. فقصر ذلك بالملك وأزرى عليه وامتدت أطماع من كان بالشام إليه، فاحتاجوا إلى إقامة رجل يزاحم بمنكبه المناكب، ويباهي بموكبه المواكب، ويقوم بتدبيره البلاد والعباد، ويحسم مواد الفساد ويبنى على الأساس والعماد:
الأتابكية
صفحه ۴
المصرية على ما نذكره إن شا الله. وأنا ذاكر ما اتفق من الأسباب الموجبة لهذه الأجلاب، أعني المماليك و المستقلين إلى رتبة الملك، وإن كنت أوردت منها بدا متفرقة فيما تقدم من أجزاء هذا التاريخ في أوقاتها وبنيها فإني ألخص الآن بعض معانيها ليستقل هذا الكتاب بأخبارهم المستأنفة والآنفة، ويكون لما تقدمه كالرادفة، فأقول: إن هذه الطايفة المذكورة التركية قوم سكناهم بالبلاد الشمالية لا يتخذون جدارا، ولا يستوطنون دارا، بل ينتقلون في أراضيهم من مصايفهم إلى مشانيهم في ارتياد مياههم ومراعيهم. وهم قبايل متعددة، يرجعون في النسبة إلى أسلافهم وينتمون إلى كبار أسلافهم. ومن قبائلهم قبيلة طقصبا وبنار وبرج أوغلى والبرلى وقنغراغلي وأنجفلي ودورت وقلابا أغلى وجرتان وقرابر كلي وكين. ولم يزالوا مستقرين في مواطنهم قاطنين بأماكنهم إلى أن اتفق خروج التتار، كما ذكرنا بتلك الأقطار واستيلا وهم على تلك الأقاليم والأمصار. فلما كان في سنة ست وعشرين وستماية، والملك يومين بكرسي جنكزخان بعد وفاته ولده دوشي خان، اتفق أن شخصا من قبيلة دورت بسمي منفوش بن كين خرج متصيدا، فصادفه شخص من قبيلة طقصبا اسمه أق كبك، وكان بينهما منافسة قديمة، فأخذه أسيرا ثم قتله. وأبطي خبر منفوش عن أبيه وأهله، ولم يعلموا أحي هو فيرجي أم ميت مسجي، فأرسلوا شخصا اسمه جلنفر ليكشف أمره ويسبر سره، فعاد إليهم مخبرا بأن أق كبك قد أوقع به وأعدمه. فعملوا ماتمه. ثم جمع أبوه أهله وقبيلته وتأهب لقتاله، فالتقت الفيتان واصطدم القبيلان (كذا) فكانت الكسرة على قبيلة طقصبا وجرح أق كبك وتفرق جمعه، فأرسل أخا له يسمي أنص إلى دوشي خان بن جنكزخان مستشرخا ومستعديا فشكا إليه ما حل به وبقومه من قبيلة دورت القفجائية)، وما فعله كين وجماعته بأخيه وقبيلته، وأعلمه أن قصدهم لم يجد من دونهم مانعا ولم يصادف عنهم دافعا، فأرسل دوشي خان معه شخصا من ثقاته ليتجسس له الأخبار ويجوس خلال الديار، ويبصر حال القوم وعدتهم واستعدادهم وعدتهم، وهل إذا رامهم يمكنه الاستظهار أو لهم منعة لحماية الذمار. فتوجه القاصد المندوب من عند دوشي خان صحبة أنص، فسار بهم إلى منازلهم ومحالهم، وأطلعه على حالهم، وعاد إلى دوشي خان، فسأل قاصده عما رأى منهم ليخبره عنهم، فقال: رأيت كلابا مكبة على إلية متي طردتهم عنها تمكنت منها. فأطمعه ذلك في البلاد التنجاق ومال إلى قصدها وناق. ثم و سأل أنص وقال له: أنت قد عاينت حال قومكم وقومنا، فأخبرني عن أمرهم وأمرنا، فقال له أنص: أما نحن فإنا ألف فارس شجر ذنبا واحدا، وأما أنتم فإنكم رأس واحد يجر أذنابا كثيرة. فزاده قوله طمعا في منالها، وحضا على قتالهم. فسار إليهم في عساكره، وأوقع بهم أشد الإيقاع، وفرقهم في البقاع، وأتي على أكثرهم قتلا وأسرا وسبيا وسلبا. فكان هذا السبب الحقير محركا لهذا التأثير:
إحضارهم إلى هذه الديار، فمن الله لهم الأسباب، وفتح أمامهم الأبواب، وعوضهم من المذلة والهوان وفراق الأقارب والإخوان دخولهم في الإيمان، وتخويلهم مزيد الاحسان، فسبحان اللطيف المنان. وإذا ذكرنا مبدأ المقتضي لجلبهم إلى هذه الديار، فلنعد إلى ما نحن بصدد سياقته من الأخبار، وبالله التوفيق.
صفحه ۵
ذكر انفراد الملك المعز عز الدين أيك الصالحي النجمي الجاشنكير المعروف بالتركماني، أحد البحرية النجمية، بالسلطنة
رتب الملك الأشرف بن الملك المسعود المعروف بابن أتسز في السلطنة بالديار المصرية، صيروا الأمير عز الدين المشار إليه أتابك العساكر، وفرضوا إليه أمر المماليك، وأضيف اسمه: إلى اسم الملك الأشرف في التواقيع والمناشير وسكة الدراهم والدنانير. واستمر الحال على ذلك. فامتدت أطماع الملك الناصر بن العزيز صاحب الشام، إلى فقد الديار المصرية وانتزاعها من أيدي البحرية، ثم تبع ذلك الإرجاف بما تواترت الأخبار بحركة التتار، ودخول هولاكوا بلاد العراق واستيلائه على تلك الآفاق. وكان الملك الأشرف مهتضم الجانب لصغر سنه وطفولته، فاجتمعت الآرا، واتفقت الأمرا، على استقلال الأمير عز الدين أيبك التركماني بالسلطنة، واستبداده وجلوسه فيها على انفراده. فاستقل بأمورها، وقام بتدبيرها، وأزيل عن الأشرف اسمها ورسمها، وأسقط ذكره من الخطبة، وأبطل اسمه من نقش السكة في شهور هذه السنة - أعني سنة خمسين وستماية. ولما استقل الملك المعز، شرع في تحصيل الأموال واستخدام الرجال، واستوزر شخصا من نظار الدواوين يسمى شرف الدين هبة الله بن صاعد الفايزي، كان من القبط الكتاب، فعدل عن أهل الكتاب وأسلم في الدولة الكاملية، فتقدم في المناصب الديوانية، فقرر أموالا على التجار ذوى اليسار وأرباب العقار، ورتب مكونا وضمانات، وسماها حقوقا ومعاملات. واستقرت وتزيدت الى يومنا هذا.
عند الخليفة المستعصم، ليصلح ما بين الملك الناصر صاحب الشام وبين الملك المعز صاحب مصر. فتقرر الصلح وترتب، ورجع الملك الناصر وعسكره إلى دمشق، وعاد المعز من الباردة الى قلعة الجبل.
دمشق مخطوبة من الملك الناصر، فبنى بها ودخل عليها.
صفحه ۶
وكان أكبرهم وأقدمهم عنده هجرة، وأعظمهم لديه أثرة.
ذكر وفاة باطوخان بن دوشي خان ابن جنكزخان بلاد الشمال
مدة مملكته ببلاد الشمال ونواحي الترك والقفجاق مدة عشر سنين، وهو: ثاني ملك تملكها من ذرية جنكز خان، وكرسي هذه المملكة راي. وخلف من الأولاد ثلاثة وهم طغان وبركة وبركجار فنازعهم أخوه المملكة، واستبد بها دونهم. وكان اسمه صرطق بن دوشي خان بن جنكز خان. فاستقر في هذه السنة في الملك بالمملكة المذكورة.
وصاروا تحت حوز التتار وطاعتهم، ومرجع أمرهم إلى صاحب الكرسي الأكبر بقراقروم، وكان به يومين منكوقان بن طلوخان بن جنكز خان، فأرادوا الوثوب عليه، واتفقوا مع ملكهم واسمه ايدي قون ومعناه صاحب الدولة، وهو نعت لمن يلي الأمر الايغوري، واتفق معهم جماعة من أمرا منكوقان، فبلغه الخبر، وينت له أسما الجماعة الذين اجتمعوا على قتله، فأمر بإحضارهم، واستقرهم فأقروا بما اتفقوا عليه، فأمر بحملهم إلى بشبالت والحوطة على أموالهم وموجودهم، وأن تضرب رقابهم هناك محشر من الناس، فعل بهم ذلك، وأوقع بايدي قوت ورتب عوضا عنه شخصا من الايغور اسمه عنصب، وجعله ابدي قوت عليهم.
صفحه ۷
وهو هولاكوا بن طلوخان بن جنكزخان. فسار فيمن معه من الجيوش إلى البلاد الإسماعيلية، وهم يسمون عند العجم ومسلمة التتار الملاحدة، فاستولى عليها وأباد أهلها قتلا ونهبا وأسرا وسبيا، ووصلت غاراتهم إلى ديار بكر وميافارقين وسروج وغيرها، وقتلوا أكثر من عشرة آلاف نفر في هذه البلاد، وقيل: في السنة التي بعدها.
وفيها توفي الشيخ أبو عمران الحصكفي، وكان قد ولى القضا بأمد، والشيخ أبو المكارم سعيد بن أبي البقا خائد الخالدي الحلبي المعروف بابن القيسراني، وكان والده أبو: البقا قد وزر للملك العادل نور الدين محمود بن زنكي رحمه الله، وسيره رسولا إلى الديار المصرية. وكان حسن الخط.
وفيها توفي الشيخ أبو الفضائل الحسن بن محمد بن حيدر الصنعاني اللغوي، وكان عالم باللغة، وله فيها مصتفات وجموع.
وتوفي بمصر الشريف أبو عبدالله محمد بن الحسين الأزموي الفقيه الشافعي المعروف بقاضى العسكر. تولى نقابة الأشراف وقضاء العسكر، وأرسل إلى بغداد وغيرها، وصحب شيخ الشيوخ أبا الحسن بن خويه، وتفقه عليه. وكان من الرؤساء المذكورين والفضلاء المشهورين.
وفيها توفي شمس الدين بن سعد الكاتب المقدسي، كتب للصالح إسمعيل وللناصر داوود، وكان دينا فاضة شاعرا. ومن شعره من أبنات يتنصح بها إلى الصالح إسمعيل ويحذره من بطانته:
صفحه ۸
وفيها توفي جمال الدين بن مطروح، وكان فاضلا كيسا شاعرا، ومن شعره لما فتح الناصر داوود برج داوود بالقدس الشريف وأخربه فقال:
صفحه ۹
منكوقان بقراقروم وصرطق ببلاد الشمال وهولاكوا بالعراق. والسلطان غياث الدين كيخسرو ابن السلطان علاء الدين كيقباد الأكبر بالروم و كرسيه قونية، والمعز عز الدين أيبك الصالحي بالديار المصرية، والناصر صلاح الدين يوسف بن العزيز ابن الظاهر غازي بن الناصر الكبير بالبلاد الشامية، وله دمشق وحلب وحمص. والملك الأشرف مظفر الدين موسي بن المنصور صاحب حمص بتدمر والرحبة أخذهما من الملك الناصر تعويضا عن حمص، وبالكرك الملك المغيث فتح الدين عمر بن العادل سيف الدين ابي بكر بن الملك الكامل. والملك الصالح عماد الدين اسمعيل بن العادل ببعلبك وبضرى والسواد. والملك المنصور ناصر الدين محمد بن المظفر تقي الدين محمود بن المنصور بن المظفر عمر بن شاهنشاه بن أيوب بحماة. والملك الكامل ناصر الدين محمد بن المظفر غازي بن العادل سيف الدين أبي بكر بن أيوب بميافارقين. وبالموصل الملك الرحيم بدر الدين لولوا. وبغداد الخليفة المستعصم بالله أمير المؤمنين. وأرباب الوظائف بالديار المصرية: الأمير سيف الدين قطز المعزى نايب السلطنة، والصاحب شرف الدين الفايزى الوزير، والقاضي بدر الدين يوسف السنجاري متولى الحكم العزيز بالديار المصرية استقلالا بالقاهرة ومصر والوجهين القبلي والبحري. وحج الناس في هذه السنة من العراق بعد عشر سنين بل الحج فيها من بغداد منذ مات المستنصر إلى هذه السنة.
سنة إحدى وخمسين وستمائة
المصرية، وانحازت إليه البحرية، وأرسل إلى المك المظفر صاحب حماة يلتمس وصلته، ويخطب إليه ابنته. وكان الرسول إليه الصاحب فخر الدين محمد بن الصاحب بهاء الدين المعروف بابن حنا ولم يكن والده وزر بعد وإنما كان مرشحا لذلك فلما وصل الى صاحب حماة تلقاه بالاجلال وإجابة السوال وجهز ابنته بما يليق مثلها فسمت نفس الأمير فارس الدين وعلت رتبته وكثرت أتباعه وشيعته وأنعم على البحرية وغيرهم من الخوشداشية بالاقطاعات والصلات والاطلاقات فكانوا لا يعبئون بالمعز ولا يلبسونه ثوب عز بل ينضمون جانبه ويعطلون مراسمه ومآربه وينتقصون حرمته ويغضون منه وهو يسر ذلك كله ويخفيه ويضمره في نفسه ولا يبديه وأعمل الحيلة في قتل الأمير فارس الدين لأنه الرأس واذا قتله لا يثبت بنيان البحرية بغير أساس فانقضت هذه السنة وهم على هذه الحال والبحرية منهمكون على اللذات والصيد والمعز ينصب لهم حبايل الكيد.
صفحه ۱۰
الملاحدة وما يليها فجهزه وجهز معه خمسة تمانات مع خمسة من المقدمين وهم كو كاي والكاي واولاجوا وجرباون ومر كداي وكان مقدما على نجدة أرسلها بركة ليسير صحبة هولاكو عندما عزم على المسير وجهز معه جماعة من مقدمي الألوف أيضا منهم فطسن واباجوا واولاجوا وبغاتمر وهو من كبار الأوبراتية وابطاي وغيره فتجهز وسار إلى البلاد المذكورة في هذه السنة.
وفيها توفي الشيخ المسند أبو القاسم عبد الرحمن بن أبي الحرم المعروف بابن الحاسب سبط الحافظ أبي طاهر السلفي بمصر.
وتوفي الشيخ الفاضل أبو الفضل أحمد بن يوسف المغربي القفصي السفاسي: بالقاهرة وله شعر حسن ونثر جيد ومصنفات في عدة فنون.
وتوفي الشيخ الأديب أبو اسحاق ابراهيم بن سليمان بن حمزة الدمشقي الكاتب المعروف بابن النجار وله شعر حسن وكان أحد الكتاب المشهورين بجودة الخط وقوة و الكتابة وسافر الى حلب والي ديار مصر وغيرها.
وفيها توفي القاضي صدر الدين الحنفي قاضي آمد كان فاضلا عارفا بالمذاهب كيسا لطيفا متعصبا ذا مروة وتوفي بالقاهرة.
وفيها توفي سعد الدين محمد بن المويد بن حمويه ابن عم صدر الدين شيخ الشيوخ بخراسان و كان زاهدا عابدا ورعا متكلما على الحقائق وله مجاهدات ورياضات وقدم مصر وحج وسكن الشام وافتقر ولم يكن يتردد الى أحد ولا إلى بني عمه فلما اشتد به الحال سافر إلى خراسان فاكرمه التتار وأسلم بعضهم على يده وبني خانكاه بأمل وتوجه لزيارة جده حمويه بجراباذ فمات بها ودفن الى جانب جده رحمه الله.
سنة اثنتين وخمسين وستماية
صفحه ۱۱
ويصعد منها دخان عظيم في النهار فما شكوا أنها النار التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم أنها تظهر في آخر الزمان فتاب الناس عند ذلك وأقلموا من المعامي وشرعوا في أفعال الخير والصدقات ووصلت الأخبار بذلك من مكة.
اقطاعه وارتفاعها ثلثون ألف دينار.
وتلقب بالمستنصر وأظهر العدل والإنصاف.
من العربان ولم يلبث الفارس بعد ذلك أن جاءت منيته.
ذكر مقتل الأمير فارس الدين اقطاي الجمدار
أرسل اليه يستدعيه موهما له أنه يستشيره في مهمات من الأمور ويعرض عليه آراء من التدبير وقد كمن له كمينا من ماليكه وراء باب قاعة الأعمدة بالقلعة وقرر معهم أنه إذا مر مجتازا بالدهليز يبتدرونه بسرعة ويعالجونه بالصرعة فلما وردت اليه رسالة المعز بادر بالركوب في نفر يسير من مماليكه من غير أن يعلم أحدا من خوشداشينه لثقته بتمكن حرمته وطلع القلعة آمنا ولم يدر ما كان له كامنا فلما وصل إلى باب القلعة منع مماليكه من الدخول معه ووثب عليه المماليك المعزية فعلوه بالمشرفية وأذاقوه كأس المنية وقتلوه على مكانته ولم ينجده أحد من بطانته.
ذكر ما تجدد للبحرية الصالحية بعد موته
صفحه ۱۲
وتحققوا أنهم مني تلبثوا وتربثوا أخذوا بالنواصي والأقدام والحقوا به في الاعدام وأديرت عليهم كوس الحمام فأجمعوا أمرهم على التوجه الى الشام وكان معهم الأمرا الأعيان الأمير ركن الدين بيبرس البندقداري والأمير سيف الدين قلاوون الألفي والأمير شمس الدين سنقر الأشقر والأمير بدر الدين بيسري الشمسي والأمير سيف الدين سكر والأمير سيف الدين برامق وغيرهم قرروا العزم من الحزم والفرار خير من القرار فشمروا ذيلا وخرجوا ليلا فوجدوا باب المدينة الذي قصدوا الخروج منه منغلقا فأضربوا فيه نارا محرقا وهو الباب المعروف بباب القراطين وتوجهوا على حمية نحو البلاد الشامية وقصدوا الملك الناصر ليكونوا عنده من جملة العساكر ولما أصبح المعز بلغه تسحبهم من المدينة فأمر بالحوطة على أملاكهم وأموالهم ودورهم وغلالهم ونسوانهم وغلمانهم وأتباعهم وأشياعهم وبدل من كان معتزا بهم ومعتزيا لهم بعد العز ذلا وهوانا وبعد المهابة ذلا وامتهانا واستصفيت أموالهم وذخائرهم وشونهم وخزائنهم واستتر من تأخر منهم واختفى من انقطع من الأتباع عنهم وحمل من موجود الأمير فارس الدين اعطاي الحمل الكثيرة من الأموال لبيت المال وانقضى ما كان فيه كظل قد مال ونودي عليهم في الأسواق والشوارع وفي الطرقات والقوارع وتهدد من يأوي منهم احدا أو محمد الى نصرتهم يدا بأنواع التهديد وشديد الوعيد وتمكن الملك المعز من المملكة وزالت عنه الآراء المشتركة وارتجع ثغر الاسكندرية إلى الخامات السلطانية وأبطل ما قرره من الجبايات ووزعه من الجنايات وأعفى الرعية من المطالبات والمصادرات وأما البحرية فانهم لما وفدوا على الملك الناصر أحسن اليهم وأقبل عليهم وأولاهم برا ولطفا وتقريبا وعطفا ووسعتهم مكارمه وأعطى كلا منهم اقطاعا يلايمه ثم عزم على التجريد الى الديار المصرية فجرد عسكرا من العساكر الشامية صحبة من توجه اليه من البحرية فساروا ونزلوا بالغوار ثم انتقلوا إلى الأغوار واتخذوا العوجا منزلا للاستقرار وبلغ الملك المعز مسيرهم اليه واتفاقهم عليه فبرز بالعساكر المصرية ومعه جماعة ممن حضر اليه من العزيزية فنزل الباردة بالقرب من العباسة وانقضت هذه السنة وهو مخيم بها.
تسمي قلعة صرطق والأخرى قلعة نون واستمر على النهب والاغارة ومضايقة القلاع.
صفحه ۱۳
ذكر وفاة صرطق بن دوشي خان بن جنكزخان
وشهورا ولم يكن له ولد فيلى المملكة بعده وكانت براق شين زوجة طغان بن أخيه قد أرادت أن تولى ولدها تدان منكوا السلطنة وكان لها بسطة وتحكم فلم يوافقها الخانات أولاد باطو وبقية الأمرا على رأيها فلما رأت أنهم لم يوافقوها راسلت هولاكوا وأرسلت: اليه نشابة بلا ريش وقبا بغير بنود وبعثت تقول له قد فرغ الكاش من النشاب وخلا القربان من القوس فتحضر لتسليم الملك ومعنى هذه الرسالة أنه لم يبق ممانع ولا مدافع ثم سارت في أثر الرسول لقصد اللحاق بهولاكوا واحضاره الى بلاد الشمال وقد ذكرنا و أن هذه المملكة الشمالية أول من دخلها من أولاد جنكزخان دوشي خان واستقر بها الى حين وفاته فملكها ولده باطو خان بعده ثم صرطق ولده الثاني فلما عزمت على ذلك بلغ القوم ما أرادته فأرسلوا في طلبها وأعادوها كارهة وغرقوها جزا بما فعلت وجلس في كرسي المملكة بركة بن باطوخان بن دوشي خان بن جنكز خان وأسلم وحسن اسلامه وأقام منار الدين وأظهر شرايع المسلمين وأكرم الفقها والعلما وأدناهم وبرهم ووصلهم واتخذ المساجد والمدارس بنواحي مملكته وأخذ بالاسلام جل عشيرته وكان السبب في اسلامه ان الشيخ نجم الدين كبرا كان قد ظهر صيته وارتفع ذكره وانتشرت سمعته ففرق مريديه إلى المدن العظام ليظهروا بها شعاير الاسلام.
ونظام الدين جندى إلى قفجاق وسيف الدين الباخرزي الي بخارا فلما استقر
صفحه ۱۴
ووعظه وحبب له الاسلام وأوضح منهاجه فأسلم على يده واستمال بركة عامة أصحابه إلى الاسلام وقصد أن يبر الشيخ بشي قبالة ما أسداه اليه فأمر له ببايزة بالبلاد التي هو فيها ليكون وقفا على الفقهاء والصلحاء ويجبي أموالها اليه فأرسل البايزة إلى الباخرزي فلما وصلته قال لرسوله ما هذه قال هذه تبسط يد الشيخ في الأقاليم وتحمى كل من يكون معه فقال له اربطها على حمار ثم أرسله في البرية فنان حمته من الذباب فأنا أقبلها وان كانت لا تحمى الحمار فما عساه لي فيها من الأوطار وأبي أن يقبلها فعاد الرسول فأخبر بركة بما قال الشيخ فقال بركة أنا أتوجه بنفسي اليه وسار اليه ووصل بخارا وأقام باب الشيخ ثلاثة أيام لم يأذن له الشيخ في الدخول اليه حتى تحدث معه بعض مريديه وقال أن هذا ملك كبير وقد أتي من بلد بعيد يلتمس التبرك بالشيخ والحديث معه فلا بأس بالاذن له فأذن له عند ذلك فدخل اليه وسلم عليه وكان الشيخ متبرقعا ولم يسفر له عن وجهه ووضع بين يديه مأكولا فأكل منه وجدد اسلامه على يده وعاد عنه إلى بلده فكان من اسلامه واسلام ذراريه ما كان ونفذت أوامره وامتدت وأسلمت زوجته ججك واتخذت لها مسجدا من الخيم يحمل معها حيث اتجهت ويضرب حيث نزلت و كان من شأنها وشأن زوجها ما نذكر.
خطبها الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن العزيز فزفت اليه بدمشق ودخل بها واحتفل لها احتفالا كثيرا.
وفيها توفي بدمشق القاضي الفقيه ابو القاسم محمد بن أبي اسحاق بن ابراهيم الحموي الشافعي المعروف بابن المنقشع والمنعوت بالعماد والي القضاة بحماة وترسل عن صاحب حمص الى بغداد مرارا ودخل مصر وتولى القضا بها ثم خرج إلى الشام فتوفي.
وتوفي الشيخ ابو شجاع بكبرس بن عبدالله بن عبدالله التركي الفقيه الحنفي المعروف بنجم الدين الزاهد مول الخليفة الناصر لدين الله ودفن بتربة الإمام أبي حنيفة ببغداد.
وتوفي بمصر الشيخ أبو الخير بن عثمان بن محمد بن حاجي المقري
وفيها توفي بحران الشيخ الفقيه العالم أبو البركات عبد السلام بن عبدالله الحراني الحنبلي المعروف بابن تيمية وكان من أعيان العلما وأكابر الفضلا ببلده
وتوفي بدمشق الشيخ الامام شمس الدين أبو محمد عبد الحميد بن عيسى بن عمويه الخسروشاهي و كان من تلامذة الامام الأجل فخر الدين بن الخطيب واشتغل عليه بعلم المعقولات وبرع فيه فاقراه مدة بالشام ومصر وكان أحد العلما المشهورين الجامعين لفنون من العلم.
صفحه ۱۵
وتوفي بمصر الأديب أبو الفتوح ناهض بن ناصر اللخمي المعروف بالحصري
وفيها توفي العماد الواسطى الواعظ بمصر.
سنة ثلاث وخمسين وستمائة
وجمع عليه جماعة من العربان ووافقه الشريف حصن الدين بن ثعلب والأمير ركن الدين
الأموال فانفسد النظام وانتكت الابرام فاقتضى الحال ارسال الصاحب شرف الدين الفائزي الوزير لتدارك الخلل بالتدبير وجرد معه الى الصعيد من العسكر جماعة وأمروا له بالطاعة فتحيل على الشريف حصن الدين فأمسكوه وأحضروه الى القلعة المحروسة فاعتقل بها ثم نقل الى ثغر الاسكندرية فاعتقل في جب تحت الأرض يعرف بجب الشريف الى ان كان من أمره ما سنذكره.
ذكر وقعة كانت بين بركة بن باطو وبين هولاكوا بن طلوا ملوك التتار
صفحه ۱۶
تمليك ولدها تدان منكو راسلت هولاكوا وهو يومين ببلد العراق بعدد افتتاحها وأطمعته في أخذ مملكة الشمال التي في يد بني عمه فلما وصلته رسالتها تجهز وسار بجيوشه اليها وكان وصوله بعد مقتلها وجلوس بركة على سرير الملك فبلغه وصول هولاكو لحربه فسار للقايه بعسكره وحزبه و كان بينهما نهر يسمى نهر ترك وقد جمد ماوه لشدة البرد فعبر عليه هولاكوا وعساكره متخطيا اني بلاد بركة فلما التقى الجمعان واصطدم الفريقان كانت الكسرة على هولاكوا وعسكره فولوا على أدبارهم وتكردسوا على النهر الجامد فانفقا النهر من تحتهم فأغرق منهم جماعة كثيرة وأفلت من نجا منهم من المصاف والغرق صحبة هولاكوا راجعا إلى بلاده ونشات الحرب بينهم من هذه السنة وصارت العداوة بين هاتين الطائفتين متمكنة وكان فيمن شهد مع بركة هذه الواقعة ابن عمه نوغيه بن ططر بن مغل بن دوشي خان فأصابته في عينه طعنة فعور ولما قذف النهر جثث القتلى المغرقين جمعها نوعية المذكور مع جثث القتلى أهراما وقال هذه أجساد بني الأعمام والذرية فلا تتركها تأكلها الكلاب في البرية.
ذكر وفاه أبي بكر بن عبد الحق المريني صاحب فاس
ولده عمرو بن أبي بكر بن عبد الحق وكان ولي عهد أبيه وهو الثاني من ملوك بني مرين فأقام نصف سنة أو دون ذلك وثار عليه عمه يعقوب بن عبد الحق وجرت بينهم حرب كثيرة ثم اصطلحا على أن يخلع عمرو بن أبي بكر نفسه وأعطاه عمه مكناسة الزيتون مع أعمالها فاستقر بها مدة ثم أرسل عمه بعد مدة إلى أقوام من بني عمه يقال لهم أولاد عثمان بن عبد الحق كانوا مطالبيه بدم لهم على أبيه فاتفقوا معه فقتلوه وقام عمه يعقوب بن عبد الحق وهو الثالث من سلاطينهم وكان رجلا صالحا حسن السيرة محبا في الصالحين واجتمع عليه أعيان بني مرين ولما جلس في المملكة سار الى
صفحه ۱۷
بالاندلس ثلاثمائة فارس فخرج للقايه قايد من زعما الافرنج في نحو عشرة آلاف فارس مدرعين وخلق كثير من الرجالة فالتقاهم ابو يوسف المذكور فهزمهم وقتل عامتهم ورجع الى بر العدوة وكان منه ما سنقصه فيما بعد.
سجموس وتسمى الأخرى نماشر ولم يزل يخرب أولا فاولا ويقتل من بقي منهم حتى
وفيها توفي جرباون أحد مقدمي التمانات الذين معه وكان جالسا قريب هولاكوا بيجو جاليشا عوضه.
وفي هذه السنة توفي من الأعيان ومشايخ الحديث وأهل القرآن الشيخ الجليل ذو و الكنى الأربع أبو طاهر وأبو الفداء وأبو الغوث وأبو المجاهد اسمعيل بن أبي الشكر من ولد عبادة بن الصامت الانصاري الخزرجي مولده بمدينة قوص ووفاته بدمشق وكان فاضلا والشيخ الأصيل أبو بكر بن أبي الفوارس بن الأمير عضد الدولة مرهف بن الأمير مؤيد الدولة أسامة بن منقذ الكناني الكلبي الشيزري الأصل المصرى الدار وهو من بيت الامارة والتقدم والفضيلة والشريف أبو الفتوح المرتضي بن أبي طالب من ولد زين العابدين بن الحسين بن على بن أبي طالب بحلب وكان نقيب الأشراف بها.
وتوفي بمصر الشيخ الصالح نجم الدين أبو المجد على بن عبد الرحمن الأخميمي
والعام وكان كريم الأخلاق ساعيا في قضا حوائج الناس بنفسه ويوصل اليهم الراحة بكل ما يقدر عليه وكان للناس به نفع عام وكان يوم وفاته يوما مشهودا ودفن بالقرافة وقبره ظاهر يزار رحمه الله تعالي.
وفيها توفي الشيخ الفاضل الصالح أبو العباس بن تامتيت المغربي اللواتي بالقرافة بمصر وقد جاوز مائة سنة وسيل يوما عن الحكم في تارك الصلوة فقال أنشدني ابن الرمامة واسمه محمد بن جعفر العبسي الحافظ قال أنشدني ابو الفضل طاهر النحوي لنفسه هذه الأبيات:
صفحه ۱۸
الصلوة ومعنى قوله في الآخر يعنى قوله لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث الحديث.
سنة أربع وخمسين وستماية
تله العجول واتفق نزول رسول الخليفة وهو الشيخ نجم الدين البادرائي ليجدد الصلح الذي تقوضت مبانيه ويشفع الاتفاق الأول بثانيه فسفر مع الملك الناصر وقرر الصلح فأعاد العسكر.
الرحيم بدر الدين لولوة يخطب بنتيهما لنفسه وبلغ ذلك شجر الدر والدة خليل الصالحية فأنكرته وأكبرته لأنه بها وصل إلى ما وصل وبوصلتها حصل من الدولة
صفحه ۱۹
رسولا الى الخليفة المستعصم أمير المؤمنين صحبة رسول الخليفة الشيخ نجم الدين البادرائي يطالعه بجلوسه على كرسي مملكة الديار المصرية واقامة الدولة العباسية وطاعته للمواقف الخليفية ويلتمس تشريفه بالتقليد والخلعة والألوية أسوة أمثاله فوصل إلى بغداد وأعاد الرسالة وجهز الخليفة ملتمسه وأعاده مكرما فلما وصل إلى الحسا والقطيف وكان: الملك المعز قد قتل واتصل مقتله بالخليفة فأرسل من بغداد من استعاد التقليد والخلع من شمس الدين سنقر الأقرع وحضر الى الديار المصرية بغير ذلك.
ذكر دخول التتار الى بلاد الروم
يومين في يد السلطان غياث الدين كيخسرو صاحب الروم فساروا اليها ونزلوا على ارزن الروم وبها سنان الدين ياقوت واحد مماليك السلطان علاء الدين كيقباد فحاصروها مدة شهرين ونصبوا عليها اثني عشر منجنيقا فهدموا اسوارها ودخلوها واخذوا سنان الدين ياقوت اسيرا و كان حريمه في القلعة فافتتحوها في اليوم الثاني وقتلوا الجند واستبقوا ارباب الصنائع وذوي المهن وداسوا الاطفال بحوافر الخيل وغنموا وسبوا وعادوا وقتلوا ياقوت العلائي وولده واتفقت وفاة جرماغون احد المقدمين على سرماري فلما مات سير بيجوا إلى الملك منكوقان يعلمه بوفاته فسير عرضه خجانوين وقال يكون هذا معك وتتفقوا على مصالح الجيش ولا تصنعوا شيئا الا باتفاق ثم انهم قصدوا بلاد الروم بالجموع فنهض السلطان غياث الدين وجمع عساكره من جميع اعماله التي بمملكته وكان والده قد زوجه بكرجي خاتون ابنة ملك الكرج فلما صارت اليه
الأمرا وكرهوا السلطان غياث الدين لتقديمه اياه عليهم وصاروا يتقاعدون عنه ويعنفونه
صفحه ۲۰