عند الله منزلة ليست للناس، فأمرهم مع الناس، ثم أمرهم خاصة (1) هذا يدل على أن المراد بأهلك من يختص به من أهله لا أهل دينه أيضا.
" واصطبر عليها " أي على فعلها وعلى أمرهم بها، وعلى مشاق ذلك " لا نسألك رزقا " لا لخلقنا ولا لنفسك، بل كلفناك العبادة وأداء الرسالة وضمنا رزق الجميع " نحن نرزقك " الخطاب للنبي صلى الله عليه وآله والمراد به الجميع أي نرزق الخلق جميعهم، ولا نسترزقهم وننفعهم ولا ننتفع بهم، فيكون أبلغ الامتنان عليهم " و العاقبة للتقوى " أي العاقبة المحمودة لأهل التقوى.
واعلم أن هذا التفسير لا يناسب رواية أبي جعفر عليه الصلاة والسلام وهو الظاهر، وأنه خلاف الظاهر، وأن ظاهرها اختصاصه بعدم طلب الرزق وأنه يرزقه، وكذا أهل بيته لا كل خلقه، فإنه لا يفهم كعدم فهم أهل دينك من أهلك وهي تدل على وجوب الأمر بها والصبر عليها، ولا يبعد فهم الأمر بكل المأمور [به] والصبر على التكاليف الشاقة، وعدم جعل الرزق مانعا عنها، وعدم الاعتداد بالدنيا وجعلها محمودة، وكون التقوى هي العاقبة المحمودة.
الرابعة: قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون (2).
في مجمع البيان أي خاضعون متواضعون متذللون لا يرفعون أبصارهم عن مواضع سجودهم، ولا يلتفتون يمينا ولا شمالا، وروي أن النبي صلى الله عليه وآله رأى رجلا يعبث بلحيته في صلاته فقال أما إنه لو خشع قلبه لخشعت جوارحه، وفي هذا دلالة على أن الخشوع في الصلاة يكون بالقلب والجوارح. أما بالقلب فهو أن يفرغ قلبه بجميع همه لها، والإعراض عما سواها، فلا يمكن فيه غير العبادة والمعبود وأما بالجوارح فبغض البصر والإقبال إليها، وترك الالتفات والعبث، وفيما ذكر من
صفحه ۵۲