زیر سالم: ابو لیلا مهلهل
الزير سالم: أبو ليلى المهلهل
ژانرها
فأشعارها الشعائرية ما تزال تعيش على الشفاه داخل رقعة التصوف وجلسات «التخمير » المصاحبة لبطلنا الزير سالم بمنفاه وعزلته ببئر سبع، يتغنى بأشعار «ليلى» أو هذه الإلهة «ليليث» التي تصدرت كتقليد مطلع الغناء العربي على مدى كل كياناتنا العربية: «يا ليل»، وما هي إلا الإلهة ليليث التي أجلت غموضها الاكتشافات الحفرية الألف الثالثة قبل الميلاد؛ حيث ظهرت في البداية كشيطانة «ليليث» تسكن الخرائب والأماكن المهجورة، وهي الفكرة المتواترة اليوم عن سكنى العفاريت الخرائب، وهو ما كشفه وأوضحه نص القصيدة السومري المعنون: «جلجاميش وأنكيدو والعالم الآخر» أو «جلجاميش وشجرة الصفصافة».
وتبدأ هذه القصيدة هكذا: «في قديم الزمان، كانت شجرة الصفصافة مغروسة على شاطئ الفرات، وحدث أن هبت عليها العواصف الجنوبية، وفاضت عليها مياه الفرات، فأخذتها الإلهة أنانا إلى مدينتها «أرك» - أو الوركاء - وغرستها في بستانها المقدس، حتى إذا كبرت الشجرة صنعت من خشبها سريرا وكرسيا، وعندما حاولت أنانا قطعها لتصنع من خشبها سريرا وكرسيا أعجزتها حية شيطانية «ليليث» اتخذت منها مسكنها، إلى أن جاء البطل الإلهي جلجاميش فقطع الشجرة وذبح الحية، وفرت الشيطانة ليليث إلى الأماكن الخربة المهجورة.»
وبالقطع هذه أول فكرة تاريخية أو حفرية عن سكنى العفاريت الخرائب.
ومع انتقال تراث السومريين إلى خلفائهم وورثتهم البابليين - الذين عرفوا بالأكاديين نسبة إلى أكدو عاصمتهم - انتقلت فكرة الشيطانة ليليث إليهم، وليليث كلمة بابلية أشورية، ومعناها أنثى العفريت أو الريح، كما أنها ذكرت مرة أخرى في إحدى القصائد الجلجاميشية البابلية حوالي 2000ق.م، وتحول هذا اللفظ بعد ذلك من ليليث إلى ليل، وهي ما أصبحت تظهر ليلا، وعرفت بالجنية ليل، تسكن الأماكن الخربة وموارد المياه، وتظهر كخارقة ليليلة يغطي الشعر كل جسدها العاري في الفولكلور السامي المتواتر اليوم بعامة.
ويبدو أن الليليث أو ليلى السومرية هذه - 3 آلاف عام ق.م - هي نفسها التي أصبحت تصادفنا في الشعر والأغاني الشعبية: يا ليل يا عين. كما أن الليليث - أو ليلى كما أشرنا - توجد بكثرة في الأغاني الدينية الشعبية المعروفة بأغاني التخمير والزار.
وهكذا تسمى بها شاعرنا المقاتل الزير سالم فتصدرت اسمه في كل النصوص الفصحى والعامية «أبو ليلى».
ويبدو أن العبريين كانوا قد أخذوها عن الفلسطينيين الذين سبقوهم في استيطان فلسطين، فليليث في اللغة الكنعانية أو الفينيقية معناها إناثا أو إناث، ومفردها أنثى، وهي ما تتوحد مع عشترت، خاصة في طقوس العرس المختلط.
ولقد اعتقد الملك سليمان في أن بلقيس - ملكة سبأ - ما هي إلا ليليث؛ نظرا لأن جسدها كان مغطى بالشعر، فلما نظر سليمان إلى شعر ساقيها، ورأى جسمها أحسن جسم، صرف وجهه عن ساقيها للشعر،
4
وكان أن وضع لها سليمان - بمعاونة مردته بعد ذلك من الجن - الخلطة التي تزيل الشعر، وهي ما عرفه النساء بعد ذلك حين ينزعن أو ينتفن شعرهن بالحلوى.
صفحه نامشخص