============================================================
في حين آثرت مجموعة أخرى من اللغويين، مثل ثعلب في "الفصيح" وابن السكيت في "إصلاح المنطق" ، إنتاج معاجم لغوية استنادا إلى المادة الصرفية ، أي انها كانت تصنف المواد اللغوية حسب خصائص صرفية معينة، مثل الصحيح والمعلول، والمقصور والممدود، أو استنادا إلى الأوزان الصرفية مثل "فعل" و"فعل" أو "فاعل" و"افعيل"، وما أشبه ذلك من خصائص صرفية . وغالبا ما يحتاج هذا النوع من المعاجم إلى معاجم لغوية أخرى شارحة له .
على أن هناك نمطا رابعا من المعاجم كان يتوفر في عصر أبي حاتم الرازيا وهو ما أطلق عليه اسم معاجم "غريب الحديث" . وعلى الرغم من الطبيعة ال المعجمية لهذه الكتب، فإنها لم تكن تعنى في بدء ظهورها بترتيب المادة اللغوية لا صرفيا ولا صوتيا ولا دلاليا، بل كانت تدرج المواد اللغوية حسب أسماء منتجي الأحاديث، بدءأ من النبي، ومرورا بالصحابة، وانتهاء بالمجاهيل. فالمادة ال الغوية فيها لا تنتظم وفقا لمعايير لغوية محددة، بل تحت أسماء قائليها والمتكلمين بها. وتتوفر أفضل الأمثلة على هذا النوع من المعاجم في كتابي اغريب الحديث" لأبي عبيد وابن قتيبة(1) .
و بالرغم من أن المبرد كتب كتابا عن "معاني القرآن" ، يقول ابن النديم إنه كان سمى "الكتاب التام"، وأن الزجاج كتب عملا ضخما بعنوان "معاني القرآن" ، فالظاهر أن حلقة المبرد المباشرة لم تعمل على إنتاج معجم اشتقاقي . لكنها في المقابل ركزت تركيزا كبيرا على التنظير لموضوعة "الاشتقاق" . وقد وصلتنا رسالة الأصمعي حول "الاشتقاق"، ويبدو منها أن الاشتقاق عنده وعند جيله والأجيال التالية قبل المبرد، كان يعني البحث عن تعليل أسماء الأعلام استنادا إلى المشابهات اللفظية والصوتية فقط. وهذا هو المنهج الذي اتبعه ابن دريد في كتابه الكبير عن "الاشتقاق".
لكن هذه الموضوعة سرعان ما اتسعت في حلقة المبرد، لكي تتحول إلى قضة (1) بالطبع أعيد النظر في تصنيف هذه المعاجم فيما بعد، وتم ترتيبها لدى المتأخرين حسب المادة الصوتية . وقد كتب ابن الأثير عرضا تاريخيا موجزأ لعلم "غريب الحديث" في مقدمة كتابه "النهاية في غريب الحديث".
صفحه ۵۶