============================================================
نحن نعرف أن موقف حلقة النسفي كان سلبيا من أحمد الكيال(1). فهو قدا أقام نظرية التوازي بين العالم الأكبر والعالم الإنساني على أساس اسمه "أحمد"، وزعم أنه هو "القائم"، أو صاحب الدور الأخير، وأن حروف اسمه "أحمد" تقدم صورة مصغرة للعالمين الإنساني والكلي. بل إن طريقة رسم اسمه "أحمد" تدل على المطابقة التي تختصر العوالم في هذه الصورة. "فالبارئ تعالى إنما خلق ال الإنسان على شكل اسم "أحمد"، فالقامة مثل الألف، واليدان مثل الحاء، والبطن مثل الميم، والرجلان مثل الدال" (2).
في المقابل، لا يبدو من النصوص المتوفرة حتى الآن أن حلقة النسفي اهتمتا بالجمع بين نظرية التوازي وحساب الجمل على هذه الطريقة، بينما نجد أبا حاتم الرازي هو الذي اهتم بتأويل الحروفيات وضمها إلى نظرية التوازي . ولكنه بدل أن يستخدم اسم "أحمد"، استخدم اسم "محمد" ، مشيرا مرة إلى النبي محمد، ومرة أخرى إلى محمد بن إسماعيل، الذي يمثل عنده "القائم"، أو صاحب الدور السابع، أو صاحب دور الكشف، كما تتفق على تسميته المصادر الإسماعيلية .
ولعله استمد هذا الاستخدام من أعمال النسفي، كما تدل على ذلك بعض التلميحات في نصوص الأخير.
فالرازي يرسم صورة الاسمين بطريقة يجعل منهما اختصارا لصورة العوالم كلها. وهو يقول إن "صاحب الدور السابع إليه نهاية التأويل، الذي هو حامل الشرائع الستة بالقوة حتى تتم. ثم هو ماسكها بالفعل بعد الكشف، وهو صاحب دور الكشف على مثال الجوهر السابع، الذي هو حامل الأبعاض الستة في هذا العالم بالقوة"(3). ومن خلال هذا الرسم، يستنتج أن الناطق السادس، أو النبي محمدا، كان بين النطقاء "أعلاهم مرتبة، وهو أفضلهم، وبه كمالهم" . وبطريقة ما يجد أبو حاتم أن هذه الصورة هي "الصورة الجامعة لهذه الأبعاض كلها. وهي صورة الإنسان الذي هو ثمرة هذا العالم، وفيه جميع أجزاء العالم، وهو جامع (1) ينظر كتاب الإيضاح ص 76.
(2) الملل والنحل ص 272.
(3) أبو حاتم الرازي : الإصلاح ص 212.
صفحه ۳۹