وكان العجم قد اتفقوا مع الخاتون فى بلاد ما وراء النهر، ولما وصل سلم إلى خراسان قاد جيشا وذهب إلى بلاد ما وراء النهر، وتقدم العجم لحربه، وحاربوا حربا ضروسا، ولكنهم هزموا أخيرا، ولم يكن لأحد فى هذه الحرب أثر مثلما كان للمهلب؛ فإنه أتى أفعالا طيبة وبدت منه فى الحرب كثير من الآثار الحميدة، وحينما فرغ قلب سلم من أمر ما وراء النهر أعطى ولاية سيستان لطلحة الطلحات المسمى طلحة بن عبد الله الخزاعى، وأخيرا غضب سلم على طلحة، وعند ما علم طلحة هرب مع الأصبهبد السگزى، وذهبا إلى يزيد بن معاوية، وضلا هناك حتى مات يزيد، ولما مات يزيد رجعا إلى سيستان واستقام أمرهما، وبقى طلحة فى سيستان حتى وقت فتنة عبد الله بن الزبير، وترك سلم بن زياد خراسان إلى عرفجة بن عامر السعدى وذهب إلى مكة.
عبد الله بن خازم
وحينما قصد سلم مكة ذهب معه عبد الله بن خازم وخدمه فى الطريق، ولما اعتاد عليه وتجرأ طلب منه عهد خراسان فأعطاها له. وقدم عبد الله إلى مرو وحارب عرفجة وقتله واستولى على خراسان، وكتب إلى عبد الله بن الزبير رسائل بيعته ودعا الناس إلى طاعته.
ونشبت الحرب بين عبد الله بن خازم وبين المضريين فى مرو واشتدت، وقامت الفتن فى مدن مرو ومرورود وطالقان وهرات. وقتلت جماعة من تميم محمد بن عبد الله ابن خازم الذى كان أميرا لهرات فقتل عبد الله جماعة منهم انتقاما لابنه. وعلا أمر عبد الله بن الزبير، وبقى عبد الله بن خازم فى خراسان ثمانية أعوام وخمسة أشهر وخمسة وعشرين يوما حتى وقعت فتنة مصعب بن الزبير وعبد الملك بن مروان وقتل مصعب، ودعا عبد الملك عبد الله بن خازم إلى طاعته فلم يجبه، وأرسلوا رأس مصعب إلى ابن خازم وشق الخراسانيون أيضا عصا الطاعة عليه، والتقوا للحرب فى طوس، وخرج وكيع بن الدورقية وبكير بن وساج مع جماعة من الناس، ولما كان ابن خازم قد قتل أخا وكيع فقد التقى وكيع معه واشتبكا، وطرح وكيع عبد الله أرضا، وجثم على صدره، وجز رأسه وأتى بها إلى بحير فامتدحه، وأرسل رأس عبد الله إلى خالد بن عبد الله القسرى، وأرسلها خالد إلى عبد الملك بن مروان.
صفحه ۱۶۹