استعملت كلمة "زيدية" بأكثر من معنى من قبل الباحثين قديما وحديثا. سبب هذا التباسا عند تناول الزيدية حيث وضعت استعمالات متعددة ذات اعتبارات مختلفة في خانة واحدة. وما يلي بعض الاستعمالات، ويلاحظ أنها قد تتداخل، ولكنها مع ذلك تتمايز، وبالتالي فما يقال عن الزيدية بمعنى من هذه المعاني، لا ينطبق على الزيدية بمعنى آخر بالكلية، وإن كان قد ينطبق جزئيا. هم الجماعة التي تدين لله تعالى بما سبق ذكره من الأصول الدينية، والمفاهيم المنهجية، وهو المستعمل في هذا البحث. كانت الكلمة في المراحل التاريخية الأولى بعد خروج الإمام زيد
تطلق على كل من خرج مع الإمام زيد، أو دعا إليه. ثم في مرحلة تالية أصبحت تطلق فقط على الشيعة ممن كان يرى الخروج مع الداعي من أهل البيت، أي تقلص نطاقها. ولكنها في المرحلتين لم تكن لتطلق لتشمل أحدا من أئمة أهل البيت آنذاك، فلم يقل عن الإمام محمد بن عبدالله النفس الزكية، أو عن الإمام الحسين بن علي الفخي، أو عن الإمام القاسم بن إبراهيم، إلخ ... لم تطلق هذه الكلمة لتشملهم، وإنما لتشمل شيعتهم، ممن وافقهم في الخروج على أئمة الجور. ثم في مرحلة متأخرة ولعلها حول القرن السادس أو السابع بدأت تطلق لتشمل أئمة أهل البيت أيضا. بناء على هذا فإنه يمكن أن نفهم معنى الكلام على الفرق الزيدية في القرن الثاني للهجرة، فهو كلام عن بعض الاختلافات التي نشأت بين الزيدية أي بين الشيعة القائلين بالخروج، وهي لا تشمل بأي حال الأئمة من أهل البيت آنذاك. وقد تطلق على مقلدي الإمام زيد بن علي، كما يقال قاسمية لمقلدي الإمام القاسم وناصرية لمقلدي الإمام الناصر وهادوية لمقلدي الإمام الهادي، ومؤيدية لمقلدي الإمام المؤيد بالله عليهم جميعا سلام الله. وهذا الاستعمال متأخر بعض الشيء، ولا يشير إلا إلى الاختلافات الفقهية ضمن الزيدية، ولا علاقة له بأصول الدين. كما قد يقال "الزيدية" ويراد بها مذهب أئمة أهل البيت. أي يراد بها الفكرة لا الشخصيات. وهذا الاستعمال يبدو أنه معاصر بعض الشيء، ومقارب للأول.
فرق الزيدية
صفحه ۹۴