أطيب التحيات أيتها العزيز غصن البان.
من محبك الحاج محيي الدين
كتب هذا الكتاب بخطه وأعاد قراءته مرتين مستحسنا معجبا وبعث به إلى «العزيزة المحترمة غصن البان» وهو يردد ضاحكا قول الفارض:
وإن شئت أن تحيى سعيدا فمت به
شهيدا وإلا فالغرام له أهل
وطفق يتمشى ذهابا وإيابا ويعد سبحته ، ويقول: أخطأت يا شيخي يا فارض أخطأت، المرء يقتل من يحب ويعشق، أي والله يقتل من يحب ويعشق، ولكن الأوغاد يقتلون من يحبون بالخناجر، والجبناء بالسم، والمجانين بالمسدس، أما الأماجد فبالمكارم والنعم يقتلون من يحبون، نعم نعم، لو سقطت يا غصن البان من مسرح الكازينو ما ضرك ذلك، ولكن سقوطك من قمة الهرم الكبير؛ من ذروة الشهرة والعز والمجد! الله، الله!
الفصل العشرون
رمى القس بولس عمون بالجريدة إلى الأرض وقبض على لحيته مطرقا مفكرا: ينبغي أن أقابل هذه الفتاة مهما كان من أمرها، ينبغي أن أقابلها.
ونهض من ساعته فارتدى جبته وحمل عصاه وذهب توا إلى البيت في شارع قصر النيل، فوجده مقفلا مهجورا، لا حارس في الباب، ولا أحد في الداخل يلبي الجرس أو النداء، إلا أن الأطيار كانت تغرد في البستان حوله كأنها تردد قولا قديما محزنا: «والطلول الدوارس هجرتها الأوانس.»
انثنى القسيس راجعا فسدد خطواته إلى الكازينو فقال هناك عاطف بك فأعطاه عنوان غصن البان الجديد، فجاء الناحية حول البركة وقرع باب بيت في أحد الأزقة ففتحت له خادمة سوداء تقول: تريد إيه. - غصن البان. - نقلت من هذا البيت الأسبوع الماضي. - إلى أين؟ - لا أعلم، لا أعلم.
صفحه نامشخص