Zakat Expenditures in Islam
مصارف الزكاة في الإسلام
ناشر
مطبعة سفير
محل انتشار
الرياض
ژانرها
رقابهم، ويدخل في عموم الرقاب: شراء الرقاب المملوكة وإعتاقها، وفك الأسرى؛ لعموم قوله تعالى: ﴿وَفِي الرِّقَابِ﴾؛ ولقول ابن عباس ﵄: «يُعتقُ من زكاة ماله، ويعطى في الحج» (١). فظهر من هذا أنه يدخل في عموم قوله تعالى: ﴿وَفِي الرِّقَابِ﴾، ثلاثة أنواع:
النوع الأول: المكاتب المسلم، الذي اشترى نفسه من سيده بدين مؤجل.
النوع الثاني: الأسير المسلم، الذي وقع في قبضة الكفار
النوع الثالث: المملوك المسلم، الذي دخل في الرق (٢)، فكل هؤلاء يدخلون في عموم قول الله تعالى: ﴿وَفِي الرِّقَابِ﴾ على القول الصحيح من أقوال أهل العلم (٣)، وقد سمعت شيخنا الإمام عبدالعزيز ابن عبدالله
_________
(١) البخاري معلقًا، كتاب الزكاة، باب قول الله تعالى: ﴿وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾، قبل الحديث رقم ١٤٦٨، قال العلامة الألباني ﵀ في مختصر صحيح البخاري له، ١/ ٤٣٣: «وصله أبو عبيد في الأموال بسندٍ جيد عنه».
(٢) المغني، لابن قدامة،٩/ ٣١٩، والمقنع مع الشرح الكبير والإنصاف، ٧/ ٢٣٦، وكتاب الفروع، لابن مفلح، ٤/ ٣٣٠، والكافي، لابن قدامة، ٢/ ١٦٩، والشرح الممتع، ٦/ ٣٣١، والإقناع لطالب الانتفاع، ١/ ٤٧٢، ومنتهى الإرادات، ١/ ٥١٩، والروض المربع مع حاشية ابن قاسم، ٣/ ٣١٥، ومنار السبيل، ١/ ٢٦٨، وجامع البيان، للطبري، ١٤/ ٣١٧، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير، ص٦١٦، الجامع لأحكام القرآن، للقرطبي، ٨/ ١٦٩، وتفسير السعدي، ص٣٤١، ونيل الأوطار، الشوكاني، ٣/ ٧٨.
(٣) اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في المقصود بالرقاب، بينها العلماء على النحو الآتي:
قال الإمام الطبري ﵀: «والصواب من القول في ذلك عندي، قول من قال: «عنى بالرقاب في هذا الموضع، المكاتبون؛ لإجماع الحجة على ذلك؛ فإن الله جعل الزكاة حقًا واجبًا على من أوجبها عليه في ماله يخرجها منه، لا يرجع إليه منها نفع من عرض الدنيا، ولا عِوض، والمعتق رقبة منها راجع إليه ولاء من أعتقه، وذلك نفع يعود إليه منها» [جامع البيان ١٤/ ٣١٧].
وقال الإمام ابن قدامة ﵀: «لا نعلم بين أهل العلم خلافًا في ثبوت سهم الرقاب، ولا يختلف المذهب في أن المكاتبين من الرقاب يجوز صرف الزكاة إليهم، وهو قول الجمهور، وخالفهم مالك، فقال: إنما يصرف سهم الرقاب في إعتاق العبيد، ولا يعجبني أن يعان منها مكاتب، وخالف أيضًا ظاهر الآية؛ لأن المكاتب من الرقاب؛ لأنه عبدٌ، واللفظ عام فيدخل في عمومه ... واختلفت الرواية عن أحمد ﵀ في جواز الإعتاق من الزكاة، فروي عنه جواز ذلك، وهو قول ابن عباس، والحسن، والزهري، ومالك، وإسحاق، وأبي عبيد، والعنبري، وأبي ثور؛ لعموم قوله تعالى: ﴿وَفِي الرِّقَابِ﴾ وهو متناول للقن، بل هو ظاهر فيه؛ فإن الرقبة إذا أطلقت انصرفت إليه ... الرواية الأخرى: لا يجوز، وهو قول: إبراهيم، والشافعي؛ لأن الآية تقتضي صرف الزكاة إلى الرقاب ... وفي موضع آخر أنه قال: يعين من ثمنها فهو أسلم، وقد روي نحو هذا عن النخعي، وسعيد بن جبير؛ فإنهما قالا: لا يعتق من الزكاة رقبة كاملة، ولكن يعطي منها في رقبةٍ، ويعين مكاتبه، وبه قال أبو حنيفة، وصاحباه؛ لأنه إذا أعتق من زكاته انتفع بولاءِ من أعْتقَ، فكأنه صرف الزكاة إلى نفسه، وأخذ ابن عقيل من هذه الرواية: أن أحمد رجع عن القول بالإعتاق من الزكاة، وهذا والله أعلم من أحمد على سبيل الورع، فلا يقتضي رجوعًا؛ لأن العلة التي تتملَّك بها جرِّ الولاء، ومذهبه أن ما رجع من الولاء ردَّ في مثله، فلا ينتفع إذًا بإعتاقه من الزكاة؛ [ولهذا قال الخرقي ﵀: فما رجع من الولاء رد في مثله] قال ابن قدامة ﵀: يعني يُعتق به أيضًا، وبهذا قال الحسن وإسحاق، وقال أبو عبيد: الولاء للمعتق؛ لقول النبي ﷺ: «إنما الولاء لمن أعتق» [متفق عليه: البخاري، برقم: ٢١٦٨، ومسلم، برقم: ١٥٠٤] وقال مالك: ولاؤه لسائر المسلمين؛ لأنه مال مستحق له، أشبه مال من لا وارث له، وقال العنبري: يجعله في بيت المال للصدقات؛ لأن عتقه من الصدقة فولاؤه يرجع إليها؛ ولأن عتقه بمالٍ وهو لله .. وقد روي عن أحمد ما يدل على أن الولاء له، وقد سبق ذلك في باب الولاء [المغني لابن قدامة، بتصرف يسير،٩/ ٣١٩ - ٣٢٢.
وقال الإمام ابن كثير ﵀: «وأما الرقاب فروي عن الحسن البصري، ومقاتل بن حيان، وعمر بن عبدالعزيز، وسعيد بن جبير، والنخعي، والزهري، وابن زيد، أنهم: المكاتبون، وروي عن أبي موسى الأشعري نحوه، وهو قول: الشافعي، والليث ﵄، وقال ابن عباس والحسن: لا بأس أن تعتق الرقبة من الزكاة، وهو مذهب أحمد ومالك، وإسحاق، أي: إن الرقاب أعم من أن يعطى المكاتب، أو يشتري رقبةً فيعتقها استقلالًا» [تفسير القرآن العظيم ص٦١٦].
وقال الحافظ ابن حجر ﵀: «وقد اختلف السلف في تفسير قوله تعالى: ﴿وَفِي الرِّقَابِ﴾ فقيل: المراد شراء الرقبة لتعتق، وهو قول ابن القاسم عن مالك، واختيار أبي عبيد، وأبي ثور، وإسحاق، وإليه مال البخاري، وابن المنذر، وقال أبو عبيد: أعلى ما جاء فيه قول ابن عباس وهو أولى بالاتباع، وأعلم بالتأويل، وروى ابن وهب عن مالك: أنها في المكاتب، وهو قول الشافعي، والليث، والكوفيين، وأكثر أهل العلم، ورجحه الطبري، وفيه قول ثالث: أن سهم الرقاب يجعل نصفين: نصف لكل مكاتب يدعي الإسلام، ونصف يشترى بها رقاب ممن صلى وصام أخرجه ابن أبي حاتم وأبو عبيد في الأموال، بإسناد صحيح عن الزهري أنه كتب ذلك لعمر بن عبدالعزيز [فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ٣/ ٣٣٢.
1 / 32