ظاهرة مد و جزر بحار
ظاهرة مد وجزر البحار في التراث العلمي العربي: مراحل تطور النظريات العلمية التي تفسر ظاهرة المد والجزر في البحار وإسهامات العلماء العرب والمسلمين فيها مع تحقيق مجموعة من المخطوطات العربية المتعلقة بالموضوع
ژانرها
يخبرنا أبو الفداء بن كثير (توفي 774ه/1373م) عن ارتباط المد والجزر بالقمر حيث قال: «ومن ذلك البحر الذي يخرج منه المد والجزر عند البصرة، وفي بلاد المغرب نظيره أيضا يتزايد الماء من أول الشهر، ولا يزال في زيادة إلى تمام الليلة الرابعة عشرة منه وهو المد ثم يشرع في النقص وهو الجزر إلى آخر الشهر.»
114 (7) المبحث السابع: علماء القرن (9ه/15م)
ناقش موضوع المد والجزر في هذا القرن اثنان من العلماء. (7-1) تقي الدين المقريزي
تناول أحمد بن علي بن عبد القادر المقريزي (توفي 845ه/1441م) الحديث عن المد والجزر كما هو معروف بأنواعه الثلاثة: اليومي والشهري والسنوي حيث قال: «ذهب بعضهم إلى أن زيادة ماء النيل إنما تكون بسبب المد الذي يكون في البحر فإذا فاض ماؤه تراجع النيل، وفاض على الأراضي ووضع في ذلك كتابا حاصله: إن حركة البحر التي يقال لها المد والجزر، توجد في كل يوم وليلة مرتين، وفي كل شهر قمري مرتين، وفي كل سنة مرتين. فالمد والجزر اليومي تابع لقرص القمر، ويخرج الشعاع عنه من جنبتي جرم الماء. فإذا كان القمر وسط السماء كان البحر في غاية المد، وكذا إذا كان القمر في وتد الأرض فإذا بزغ القمر طالعا من الشرق أو غرب كان الجزر. والمد الشهري يكون عند استقبال القمر للشمس في نصف الشهر، ويقال له: الامتلاء أيضا عند الاجتماع، ويقال له: السرار. والجزر يكون أيضا في وقتين عند تربيع القمر للشمس في سابع الشهر، وفي ثاني عشريه.»
115
كما أنه أشار إلى حالة ازدياد المد والجزر عند اجتماع الشمس والقمر في جهة واحدة، حيث قال: «والمد السنوي يكون أيضا في وقتين: أحدهما عند حلول الشمس آخر برج السنبلة، والآخر عند حلول الشمس بآخر برج الحوت، فإن اتفق أن يكون ذلك في وقت الامتلاء أو الاجتماع، فإنه حينئذ يجتمع الامتلاءان الشهري والسنوي، ويكون عند ذلك البحر في غاية الفيض، لا سيما إن وقع الاجتماع أو الامتلاء في وسط السماء، ووقع مع النيرين أو مع أحدهما أحد الكواكب السيارة فإنه يعظم الفيض. فإن وقع كوكب فصاعدا مع أحد النيرين، تزايد عظم الفيض، وكانت زيادة النيل تلك السنة عظيمة جدا، وزاد أيضا نهر مهران. فإن كان الاجتماع أو الامتلاء زائلا عن وسط السماء، وليس مع أحد النيرين كوكب فإن النيل ونهر مهران لا يبلغان غاية زيادتهما لعدم الأنوار التي تثير المياه.»
116
ثم يقدم لنا المقريزي قياسا رقميا تقديريا لمساحة المد التي يغطي بها اليابسة. فهو يرى أن كل درجة فلكية واحدة تقابل ستين ميلا، تتراوح قيمة الميل الواحد بين (1946-4912 مترا و1981,25 مترا)،
117
أو للتقريب 2 كيلومتر. «فأما المد اليومي الدافع من البحر المحيط فإنه لا ينتهي في البحر الخارج من المحيط أكثر من درجة واحدة فلكية، ومساحتها من الأرض نحو من ستين ميلا ثم ينصرف، وانصرافه هو الجزر وكذلك الأودية إذا كانت الأرض وهدة، والمد الشهري ينتهي إلى أقاصي البحار، وهو يمسكها حتى لا تنصب في البحر المحيط، وحيث ينتهي المد الشهري فهناك منتهى ذلك البحر وطرفه. وأما المد السنوي فإنه يزيد في البحار الخارجة عن البحر المحيط زيادة بينة، ومن هذه الزيادة تكون زيادة النيل وامتلاؤه، وامتلاء نهر مهران، والديتلو الذي ببلاد السند.»
صفحه نامشخص