قال أبو بكر: في قولهم: لا حول ولا قوة إلا بالله خمسة أوجه من الإعراب: أحدهن (٩١) لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله، على أن تنصب الحول بلا، على (١٠٥) التبرئة، وتجعل القوة نسقًا على الحول، والباء خبر التبرئة. والخليل وسيبويه (٩٢) يسميان التبرئة: النفي.
والوجه الثاني: لا حولٌ ولا قوةٌ إلا بالله. فترفع الحول بلا، وتجعل القوة نسقًا على الحول. وقد قُريء بالوجهين (٩٣) جميعًا في كتاب الله ﷿: ﴿فلا رَفَثَ ولا فسوقَ ولا جدالَ في الحج﴾ (٩٤)، وقرأوا (٩٥): ﴿فلا رفثٌ ولا فسوقٌ ولا جدالٌ في (٦ / ب﴾ الحج) . / وقرأوا: ﴿لا بيعَ فيه ولا خُلَّةَ ولا شفاعةَ﴾ (٩٧) و﴿لا بيعٌ فيه ولا خُلَّةَ ولا شفاعةٌ﴾ .
قال الفراء (٩٨): إنما يحسن فيه الرفع إذا نُسِقَ عليه بولا، فإذا لم ينسق عليه بولا فاختياره النصب كقوله جل وعز: ﴿ألم ذلكَ الكتابُ لا ريبَ فيه﴾ (٩٩)، الريب منصوب بلا على التبرئة و(فيه) خبر التبرئة، قال: ولم يقرأ أحد من القراء: لا ريب فيه، بالرفع. قال أبو بكر: وزعم الفراء أنها لغة للعرب، وحكى عن بعضهم: " لا إلهٌ إلّا الله ". ومن ذلك قول جرير (١٠٠):
(نُبِّئْتُ جَوَّابًا وسَكْنًا يسبني ... وعَمرو بن عِفْرَى لا سلامٌ على عَمرِو)
وأنشدنا أبو العباس عن ابن الأعرابي:
_________
(٩١) ق: أحدها.
(٩٢) ينظر الكتاب ١ / ٣٥١. وسيبويه هو عمرو بن عثمان، لزم الخليل ونقل آراءه في (الكتاب)، توفي ١٨٠ هـ. (المراتب ٦٥، طبقات النحويين واللغويين ٦٦، الأنباه ٢ / ٣٤٦) .
(٩٣) ك: في الوجهين.
(٩٤) البقرة ١٩٧.
(٩٥) ساقطة من ك. وهي قراءة أبي جعفر كما في المحرر الوجيز ١ / ٥٥٤.
(٩٦) ل: وكذلك قرأوا.
(٩٧) البقرة ٢٥٤. وينظر السبعة ١٨٧.
(٩٨) معاني القرآن ١ / ١٢٠.
(٩٩) البقرة ٢٧١. البقرة: ١، ٢. وقد نسب ابن خالويه في الشواذ: ٢، القراءة بالرفع فيها إلى زهير الفرقبي. ونسب أبو حيان ذلك في البحر المحيط: ١ / ٣٦، إلى أبي الشعثاء. ثم قال: " وكذا قراءة زيد بن علي حيث وقع ".
(١٠٠) ديوانه ٤٢٥. وجرير بن عطية بن الخطفي شاعر أموي مشهور. (طبقات ابن سلام ٧٥، الشعر والشعراء ٤٦٤، الأغاني ٨ / ٣) .
1 / 12