ومن هذه الأطوار تحول الأدباء من أدب الآلات إلى أدب النفوس البشرية، وإعلانهم ذلك غير مرة في السنة الأخيرة، كما لخصناه في أخبار اليوم منذ سبعة شهور.
وأخطر من ذلك أن «العقد النفسية» التي طالما سمعنا من الماركسيين أنها مرض لا محل له في المجتمعات الشيوعية، قد أخذت تنفجر في أخلاق الجيل الجديد وعاداته على نحو لا نظير له في البلاد التي يسمونها ببلاد رأس المال.
فالخلاعة والتأنيث في ملابس الشبان والعربدة الفاضحة والولع بالمقامرة؛ قد أصبحت اليوم من موضوعات العظات الدورية في الصحف والنشرات، وقد عادت الدولة إلى السماح للآباء بالإشراف على سلوك أبنائهم وبناتهم، وتبليغ المراجع الحكومية عن الشذوذ أو التهتك الذي يلاحظونه عليهم، ومن أخبار هذه التبليغات أن أبا وجد في حقيبة بنته مجموعة من الصور الشائنة والمناظر الشاذة، فأسلمها إلى الإدارة المختصة وأدى الشهادة عليها، فكان جزاء البنت - وهي في السابعة عشرة - أنها أودعت دار الإصلاح ! وأبيح للشرطة والآباء معا أن يبلغوا شبهاتهم عن كل شاب يخرج إلى الطريق بالملابس المزركشة والألوان الصارخة والأصباغ التي لا تجمل بالرجال.
وباء جارف لا مرض متفرق
والواقع أن العقد النفسية في البلاد الشيوعية وباء جارف، لم يبد من أعراضه حتى الآن إلا القليل.
ولا يمكن أن يكون غير هذا في بلاد يحسبون فيها أن التعبيرات النفسية حيلة يخترعها المالكون لزمام الإنتاج الاقتصادي في كل مجتمع قديم أو حديث.
فإنهم على هذا الحسبان يفرضون التعبيرات النفسية في الأدب والفن، ويظنون أن الحكاية كلها حديثة في مكان حيلة قديمة من مخترعات رأس المال.
ومن قراراتهم أن «الفواجع» أو التراجيدية لا موضع لها في المجتمع الشيوعي؛ لأنها كانت لازمة في المجتمعات التي يتخبط فيها الفرد مع المجتمع على غير جدوى وبغير رجاء.
ومن قراراتهم أن الأسلوب الطبيعي
Naturalism
صفحه نامشخص