ذات صباح في يوم العاشور، قامت النسوة في وقت متأخر، وكان مروان في ذلك الوقت قد أدى صلاة الفجر، وأخذ يدعو النسوة إلى الصلاة فاقتربت ناريس ذات الخمسة والثمانين ربيعا منه، وراحت تمرر أصابعها بين منابت شعره. تخبره أن عبادة الله تكمن بالعمل الخير وحسن السلوك، وأخبرته بأنهم شاهدوا طرق عبادة للعالم القديم في متحف التراث الروحي الإنساني، يظهر جوانب المسيرة الفكرية والثقافية والعقائدية لمختلف شعوب العالم القديم. كديانة المايا القديمة التي اعتقدت أن هناك عوالم أخرى سكنت الأرض ودمرتها الفيضانات. وكانت الأضاحي للإله بشرية، واعتقدوا أن أرواح الموتى المحاربين في القتال المقدس لأجل الآلهة ترتفع إلى السماء؛ حيث الجنة (الموت المقدس)، ويرون أن الروح بعد الوفاة تبدأ برحلة إلى العالم السفلي، ولديهم نبوءات متشابهة تتعلق بشأن علامات النهاية لهذا الكون، مثل الشعوب الأخرى: الأزتك والإنكا والهوبي، والديانات الإبراهيمة.
سخر مروان مما سمعه وقال: «أنا لا أصدق» ونشأ قبس من الغضب فيه أول مرة بعد لقاح الأديان! مما أدهش مريانا الرقيبة على أفكاره، فلم تتوصل إلى شيء، ولم تر أن فعالية اللقاح بدأ يقل مفعولها في مروان. قال بروسي لمروان وقد كان يشاهد معهم: أترى يا كريم، كيف كان العالم القديم لا يستطيع أن يعيش دون إلهه؟ لكنه كان غبيا حين يرى أن الإله يشبه البشر جسديا، وله زوجة وأولاد. أليس كذلك يا زنوة؟
قالت مريانا لبروسي: من أين أتيت بهذه الشتيمة؟! - أخبرني بها كريم، أظنه سيفسد أخلاقي.
في المساء كانت النسوة في حالة رعب وخوف لأول مرة في حياتهن، وهن يشاهدن ما سجلته ذاكرة مروان من أفلام وثائقية عن الحرب العالمية الأولى والثانية، وحرب الخليج العربي .. فتوقفن عن مشاهدة تلك المشاهد. قال بروسي لمروان: «ستفسد هذا البيت يا كريم، وستنفى إلى جزيرة المنبوذين!»
تلك الليلة لم ينم مروان جيدا؛ فقد احتسى الكثير من شاهي القات، يفكر بما قاله بروسي عن جزيرة المنبوذين، ورأى أنه لم يكن مؤمنا حقا في حياته، وأن عبادته لم تكن إلا نفاقا أمام ربه. أما نساؤه فقد نمن جيدا بجواره. في منتصف تلك الليلة قام مروان مفزوعا من حلم، وهو يهتف: «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» عدة مرات .. استيقظت حورياته، يسألنه بخوف: ما معنى كلمة شيطان؟! أخبرهن عنه .. واستغرب أن مثل هذه الأحلام لم يعد لها وجود.
5
في الصباح ذهبت النساء إلى العمل. أخذ مروان إفطاره وهو عريان، يشعر بحرية وبهجة، شيء لم يعمل مثله في حياته. فكر في الخروج ليرى المدينة، فقد أصابه الملل من وقوفه أمام شاشة التلفاز يشاهد العالم الجديد. عادت النسوة من عملهن وهو يسرح عريانا في المنزل. طلب منهن ممارسة اللقاء الروحي فسعدن بذلك. قدم بروسي وجبة العشاء، وقال للنسوة: مروان كان عضوه منتصبا ثم ذهب إلى الحمام، وعاد قد انكمش.
ضحكت النسوة. وسألته ريحانة: ماذا عملت في الحمام؟!
أحس مروان بالخجل، كان لا يتوقع أن آلة تفضحه، فشتم بروسي في نفسه، وقال لها: قذفت بذخائري المتراكمة هناك. لكنني لم أحس كلذة اللقاء الروحي.
تفاجأ مروان في قول ما يخجله، ولم يخف ذلك العمل القذر. ثم راحوا يتفرجون على التليفزيون، كانت هناك مسابقة تجري في الطبخ بين العديد من الهيوموروبوتات.
صفحه نامشخص