أما فكرة اللغة المقدسة التي أنزلت على شعب مختار، فهي فكرة غريبة عن ديننا وإن كانت موجودة في ديانات أخرى. ومنطق أن العرب هم الشعب المفضل لله تعالى هو منطق ينافي أعظم تعاليم الإسلام حول مساواة أبناء آدم عليه السلام.
وبلغة عصرنا، فإن دعاوى تفوق العرب على غيرهم من الأجناس واحتقار اللغات الأخرى غير العربية، هي دعاوى عنصرية تحمل كل أفكار نظريات التفوق الجنسي التي ينبذها العالم الحديث وخاصة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية. والمنطق الكامن وراء الفكر العنصري هو أفضلية جنس على باقي أجناس العالم بسبب الصفات المتميزة اللاصقة بأهله وانتفاء هذه الصفات عن الأجناس الأخرى.
وتجد في أدبيات الفكر العنصري الغربي كلاما يبدو منطقيا عن تفوق الإنسان الأبيض والجنس الآري، لكن هذا المنطق مغلوط من أساسه، وقد رفضه سيدنا محمد
صلى الله عليه وسلم
دون لبس في خطبته بحجة الوداع وفي كل أحاديثه النبوية، فكيف نتقبله اليوم بعد مرور أكثر من 1400 عام من المفترض أننا نضجنا فيها عقليا ونفسيا وأصبحنا أكثر وعيا بحقائق العالم؟
صحيح أن المدافعين عن تلك الأفكار في العالم العربي اليوم يلبسونها أثوابا براقة جديدة كما يفعل دعاة العنصرية في الغرب، لكن المعنى في النهاية واحد وهو تفوق العرب واللغة العربية على باقي أبناء البشر ولغاتهم جميعا.
وإذا كانت معرفة اللغة العربية ليست مفروضة على بني الإنسان، فكيف نعتبرها نحن لغة فوق كل لغات العالم، وبالتالي لا يمكن المساس بها؟
وإذا أعملنا العقل الذي منحنا إياه الله تعالى لأدركنا أنه لو كانت اللغة العربية مقدسة وهابطة من السماء ، لكان من الطبيعي أن يتحدث بها كل سكان الأرض. فكيف تكون العربية مقدسة في حين أن 98٪ من أبناء البشرية لا يعرفونها؟ وكيف تكون مقدسة في حين أن أكثر من 90٪ من المسلمين أنفسهم لا يفهمونها؟
الفصل الخامس
المسيحيون والعربية
صفحه نامشخص