یاقوته غیاصه

ابن حنش d. 719 AH
89

یاقوته غیاصه

ياقوتة الغياصة الجامعة لمعاني الخلاصة

ژانرها

وأما الدليل على أن تحصيل ماهو لطف بهذه الصفة واجب، فالذي يدل على ذلك أنه يجري مجرى دفع الضرر عن النفس، ودفع الضرر عن النفس واجب إذا كان المدفوع به دون المدفوع سوى كان الضرر مظنونا أو معلوما، وكذلك ما يجري مجراه، وهذه الدلالة مبنية على ثلاثة أصول:

أحدها: أن معرفة الله تعالى تجري مجرى دفع الضرر عن النفس.

والثاني: أن دفع الضرر عن النفس واجب إذا كان المدفوع به دون المدفوع.

والثالث: أنه يستوي فيه الموصوف والمعلوم.

والرابع: أن يجري مجرى دفع الضرر عن النفس واجب كوجوبه.

أما الأصل الأول: وهو أن معرفة الله تعالى تجري مجرى دفع الضرر عن النفس، وإنما قال الشيخ (رحمه الله): إنها تجري مجرى دفع الضرر عن النفس، ولم يجعلها دفعا؛ لأن الدفع في الحقيقة إنما يحصل الفعل الملطوف فيه، فلما كان اللطف داعيا إلى الملطوف فيه، ومقربا إليه جرى مجرى الملطوف فيه في أنه دفع للضرر عن النفس، ولم يكن دفعا بنفسه، قال الشيخ: والذي يدل على أنها تجري مجرى دفع الضرر عن النفس قد تقدم حيث بينا أن المكلف متى عرف أن له صانعا صنعه كان أقرب إلى فعل الطاعة، وترك [50أ] المعصية.

وأما الأصل الثاني: وهو أن دفع الضرر عن النفس واجب فذلك معلوم ضرورة، ولهذا فإن المعلوم من حال العقلاء أنهم يسارعون إلى الفصد والحجامة، وشرب الأدوية الكريهة؛ ليدفعوا بها فصار هي أعظم منها فلولا علمهم بوجوب دفع الضرر عن النفس، وإلا لم يحملوا هذه المشاق والمعلوم من حالهم بحملها وذم من أخل بها وهم لا يذمون أحد على ترك فعل إلا وذلك الفعل واجب، وكذلك فإن من علم أن في الطريق سبعا، وأنه يجب عليه تجنب تلك الطريق إن كان متمكنا وإلا دفعه بهرب أو غيره مما أمكنه وإلا استحق الذم من العقلاء، وهم لا يذمون أحد على ترك فعل إلا وذلك الفعل واجب.

صفحه ۹۰