والطريقة الثانية: إلجاء بطريقة المنع، وذلك في الفعل، والترك، أما في الترك فظاهر نحو أن يعلم إن حاول الفعل منع منه فإنه يكون ملجأ إلى تركه، وأما في الفعل فنحو أن يكون الملجا لا ينفك عن أحد الفعلين ثم يمنع من أحدهما؛ فإنه يكون بذلك ملجأ إلى فعل الآخر، وأما وجه الاحتراز والإلجاء فهو المختص، وأهل الآخرة فإن المختص قد صار ملجأ لايستطيع أن يزيد في حسنه، ولا ينقص من سيئه، لقوله تعالى: {يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجرا محجورا} أي جرما مجروما، وكذلك حال أهل الآخرة، وأما وجه اشتراطه في التكليف فلأن مرجوا المكلف أن يتردد دعوا عيه، ويفعل الواجب لوجوبه، ويترك القبيح لقبحه حتى يستحق الثواب بالفعل، والترك في هذا لا يحصل في الملجأ، وإنما بفعل وبترك لأجل الإلجاء فلا يستحق مدحا، ولا ثوابا، وقد يذكر للمكلف حد آخر وهو أن يقال هو من أعلم بأن له في أن يفعل أو أن لا يفعل جلب منفعة، أو دفع مضرة مع مشقة [35ب] تلحق في الفعل والترك، أو في سببهما، أو ما يتصل بهما مالم يكن ملجا، والاحتراز فيه كالأولى.
قلنا: اعلم احترازا من الكفار، وقلنا بأن له في أن يفعل دخل فيه الواجب، والمندوب.
قلنا: وإن لا يفعل دخل فيه المحضور والمكروه.
وأما الموضع الرابع وهو فيما يناوله التكليف من الأفعال، وما لا يتناوله، وشروط حسنه، أما ما لا يتناوله التكليف فهو المباح، والفعل اليسير، وأما ما يتناوله فهو يتناول فعلين، وتركين.
فالفعلان: فعل الواجب، والمندوب، والتركان: ترك المحضور، والمكروه، وجملة ما يتناوله التكليف ينقسم إلى قسمين:
فعل، وترك، والفعل على ضربين: علم، وعمل، والعلم على ثلاثة أقسام: منه ما يخصه دون غيره، ومنه ما يخص غيره، ومنه مانعهما.
صفحه ۶۱