أما بعض الناقدين الذي يجردون أسلوب أبي شادي من الجمال فإنهم يظلمون الرجل ويتحاملون عليه، فإن أسلوبه لا يفقد الجمال ولكنه يفقد الأناقة، وشتان بين الأناقة والجمال، والحق أن الشاعر إما أن يضيع غير قليل من أحاسيسه وأصوات قلبه في سبيل الأناقة والاندفاع مع الرنين الموسيقي، وإما أن يضيع غير قليل من هاته الأناقة في سبيل التعبير عن ذات نفسه بدقة وأمانة، وأبو شادي لا يؤثر التضحية بمذهبه الذي يدعو إليه ويؤمن به في سبيل التزويق والتنويق.
وأما الروح التي يمتاز بها شعر أبي شادي فهي روحانية عميقة، وصوفية بعيدة المدى، وإحساس مرهف مشبوب، وخيال متنقل سريع. وبهاته الروح المركبة ينظر أبو شادي إلى هذا الوجود فلا يرى فيه إلا أحياء جديرة بالمحبة والعطف، يعاطفها وتعاطفه، وتشاركه الأنس والحياة، وبهاته الروح يهتف قائلا من أعماق قلبه:
وكم في الظل والأنوا
ر أحلام أناديها!
أبو القاسم الشابي
تونس
إهداء الديوان
لما رأيت عواطفي وخواطري
ومنى الحياة لديك أنت تضوع
أيقنت أنك أنت وحدك خالقي
صفحه نامشخص