[خطبة الكتاب] الحمد الله رب العالمين، الذي أبدع الوجود، وأفاض الجود، وأظهر شؤونه، وأبرز نوره محمد صلى الله عليه وآله وسلم قبل خلق خلقه، وعلمه بالقلم، وعلم الانسان ما لم يعلم.
وهو المتفضل المفيض بالامتنان، والمتطول المكرم بالاحسان، وإنه بالجود الأعم على العالمين منان، وبالرحمة الواسعة على الكل حنان.
تقدست أسماؤه، وتعالت آلاؤه. وحده لا شريك له، ولا له مثل ولا ضد، ولا له زوجة ولا ولد، بل هو الله الأحد الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد.
وهو ذو المواهب السنية، وذو الآلاء الجليلة، وذو النعماء الجميلة، وصاحب الرحموت (1) الواسعة، والبركوت (2) النامية الكثيرة.
وهو الذي خلق أولا من نور ذاته الأقدس حقيقة المحمدية، التي هي جامعة للعوالم (3) الغيبية والشهودية، ومحيطة بالمقامات الملكوتية والجبروتية. وجعل محمدا صلى الله عليه وآله وسلم خير خلقه، ومبدأ العوالم في ايجاده ه فلهذا ختم به أنبياءه، وأبقى دينه وشرائعه إلى يوم الدين، وبعثه إلى كافة المكلفين بالهداية الكاملة الموصلة إلى النعم الدائمة الأبدية، والى السعادات التامة
صفحه ۲۳
السرمدية، وأرسله رحمة عظيمة، ونعمة جزيلة إلى الثقلين، وأكرمه تلطفا، وشرفه تعطفا بسيادة الكونين، وجعله برزخا بين الوجوب والامكان، وعلة غائية في تكوين الأكوان. وقال في حديثه القدسي: " لولاك لما خلقت الأفلاك ".
وقال في كتابه: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) (1).
وقال: (وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا) (2).
وقال: (قل ان كان للرحمن ولد فانا أول العابدين) (3).
وقال: (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يوحى) (4).
ولله الحمد والشكر على منه، إذ جعلنا من الله أمة ونبيه وحبيبه صلى الله عليه وآله وسلم، ومن ذريته، وجعلنا من أهل الجماعة وسنته، ومن المحبين الموادين لأهل بيته وآله وصحبه، ومن المتمسكين بآدابهم وآثارهم، ومن المهتدين بهداهم وأنوارهم، وحظظنا الله باشتياق تتبع تفاسير تنزيله، ومطالعة كتب أحاديث نبيه صلى الله عليه وآله وسلم، ووفقنا بالانقياد بأوامر الله ونواهيه، وبعظيم أنبيائه ورسله عليهم السلام، وباحترام أوليائه، وصلحاء عباده.
فلله (5) الحمد بلا انقضاء، وله الشكر بلا انتهاء، دائمان بدوامه ، وباقيان ببقائه.
وصلى الله على ملوك حظائر القدس، ورؤساء أبناء الجنس، من الرسل والأنبياء، والأوصياء والأولياء، والصديقين والشهداء، والأصفياء والصالحين، لا سيما على محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين الهادين،
صفحه ۲۴
وأصحابه الكاملين الناصرين، المتأدبين بآدابه، والمهذبين بأخلاقه، والعارفين بأسراره.
ثم صلوات الله وسلامه، وصلوات ملائكته وأنبيائه ورسله وجميع خلقه، على حبيبه ورسوله، وخير خلقه، وخاتم أنبيائه، سيدنا محمد، وعلى اله وأهل بيته وعترته وصحبه، دائمة بدوام الله، وباقية ببقاء الله، أبدا سرمدا.
اللهم اجعلنا من زمرتهم كما جعلتنا من ذريتهم؟ آمين يا رب العالمين.
أما بعد:
إن الله - تبارك وتعالى - قال في كتابه لحبيبه:
(قل لا أسألكم عليه أجرأ إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا إن الله غفور شكور) (1).
وقال جل جلاله وتعالت آلاؤه: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (2).
أوجب الله مودة قربى نبيه، وأهل بيت نبيه (صلى الله عليه وعليهم) على جميع المسلمين، وإنه - تعالى - أراد تطهيرهم عن الرجس تطهيرا كاملا، لأنه ابتدأ بكلمة (إنما) التي هي مفيدة لانحصار إرادته - تعالى - على تطهيرهم، واكد بالمفعول المطلق.
ولما كانت مودتهم على طريق التحقيق والبصيرة موقوفة على معرفة فضائلهم ومناقبهم، وهي موقوفة على مطالعة كتب التفاسير والأحاديث التي هي المعتمد بين أهل السنة والجماعة. وهي الكتب الصحاح الستة من:
صفحه ۲۵
البخاري (1).
ومسلم (2).
والنسائي (3).
والترمذي (4) وأبي داود (5) - باتفاق المحدثين المتأخرين -.
صفحه ۲۶
وأما السادس من الصحاح، فابن ماجة (1)، أو الدارقطني [أو الدارمي] (2)، أو الموطأ (3) - فبالاختلاف -.
فجمع مناقب أهل البيت كثير من المحدثين وألفوها كتبا مفردة:
منهم: أحمد بن حنبل (4)، والنسائي، وسمياه " المناقب ".
ومنهم: أبو نعيم الحافظ الأصفهاني (5)، وسماه ب " نزول القرآن في مناقب أهل البيت ".
ومنهم: الشيخ محمد بن إبراهيم الجويني الحمويني الشافعي الخراساني (6)، وسماه " فرائد السمطين في فضائل المرتضى والزهراء والسبطين ".
صفحه ۲۷
ومنهم: علي بن عمر الدارقطني (1)؟ سماه " مسند فاطمة ".
ومنهم: أبو المؤيد موفق بن أحمد أخطب خطباء خوارزم الحنفي (2)؟
سماه " فضائل أهل البيت ".
ومنهم: علي بن محمد الخطيب الفقيه الشافعي المعروف بابن المغازلي (3)؟ سماه " المناقب ".
ومنهم: علي بن أحمد المالكي (4)؟ سماه " الفصول المهمة " رحمه الله.
وهؤلاء أخذوا الأحاديث عن مشايخهم بالسياحة والاسفار، وبالجد والجهد في طلب الحديث من أهل القرى والأمصار. فكتبوا في كتبهم إسناد الحديث إلى الصحابي السامع الراوي بقولهم: حدثنا، أو أخبرنا فلان، مثل أصحاب الصحاح الستة.
ومنهم: من جمع فضائل أهل البيت في كتاب مفرد، وسماه " المناقب "، ولكن لم يظهر اسم المؤلف.
صفحه ۲۸
ومنهم: من جمعها وكتب فيها كتابا مفردا آخذا عن كتب المفسرين والمحدثين المتقدمين: كصاحب " جواهر العقدين "، وهو الشريف العلامة السمهودي المصري (1) - رفع الله درجاته، ووهب لنا بركاته -، وصاحب (2) " ذخائر العقبى "، وصاحب " مردة القربى "، وهو جامع الأنساب الثلاثة، مير سيد علي بن شهاب الهمداني - قدس اله سره، ووهب لنا بركاته وفتوحه -.
ومنهم: من ذكر فضائلهم في كتبهم من غير إفراد كتاب لها:
كصاحب " الصواعق المحرقة "، وهو المحدث، الفقيه، الفاضل، الشيخ ابن حجر الهيثمي الشافعي، الثقة والمعتمد بين علماء الشافعية (3).
وصاحب كتاب " الإصابة " وهر الشيخ الحافظ ابن حجر العسقلاني الشافعي (4) - رحمهما الله -.
صفحه ۲۹
وصاحب كتاب " جمع الفوائد " الذي جمع فيه من الكتابين الكبيرين:
أحدهما: " جامع الأصول " الذي جمع فيه ما في الصحاح الستة للشيخ [الحافظ] (1) مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الأثير الجزري الموصلي (2).
وثانيهما: كتاب " مجمع الزوائد " للحافظ نور الدين أبي الحسن علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي (3)، جمع فيه ما في مسند الإمام أحمد بن حنبل، وأي يعلى الموصلي (4)، وأبي بكر البزار (5)، ومعاجم الطبراني (6) الثلاثة.
صفحه ۳۰
وصاحب " كنوز الدقائق "، وهو الشيخ عبد الرؤوف المناوي المصري (1).
وصاحب " الجامع الصغير "، وهو الشيخ جلال الدين السيوطي المصري (2).
ومنهم: من جمع الأحاديث الواردة في قيام القائم المهدي (عليه الصلاة والسلام)، ك (علي القاري الخراساني الهروي) (3) وغيره.
فالمؤلف الفقير إلى الله المنان، " سليمان بن إبراهيم " المعروف ب " خواجة كلان بن محمد معروف " المشتهر ب " بابا خواجة بن إبراهيم بن محمد معروف بن الشيخ السيد ترسون الباقي الحسيني البلخي القندوزي " - غفر الله لي ولهم ولآبائهم وأمهاتهم ولمن ولدوا بلطفه ومنه - ألف هذا الكتاب اخذا من هؤلاء الكتب المذكورين، ومن كتب علماء " الحروف.
صفحه ۳۱
ملتجئا (1) إلى الله ومستعيذا به من التعصب والجهل المركب (2)، وكتم الحق، وإنكار الصدق، وإظهار الباطل، وقبول ما لا طائل تحته. وسائلا متضرعا ملتجئا إلى الله الهادي أن يلهمنا الحق والصدق، ويهب لنا البصيرة والرشد، ويهدينا صراطه المستقيم، بفضله العظيم ومنه العميم. اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه، يا مجيب، يا قريب؟
آمين يا رب العالمين، بعز ذاتك، وجميل صفاتك، وباسمك الأعظم، ورسولك الأكرم، سيدنا محمد صلى الله عليه وله وسلم. وسماه " ينابيع المودة " لذي القربى، وهم أهل العبا (3)، ووسائل السعادة العظمى، ومعادن البركات الكبرى، طلبا لرضاء الله، وشفاعة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وشفاعة أهل بيته. وليكون معهم في جنات عدن بحديث " المرء مع من أحب " (4). فالله - تبارك وتعالى أكرم المسؤولين، وأجود الجوادين، وأرحم الراحمين، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ونعم المولى ونعم النصير.
ورتبته (5) علف مقدمة وأبواب:
صفحه ۳۲
المقدمة في أن التصلية والتسليمة على الآل والأصحاب ثابت في كتاب الله وقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقول الأصحاب الكرام في الشفاء:
قال تعالى: (هو الذي يصلي عليكم وملائكته) (1).
وقال تعالى: (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم) (2) وقال الله تعالى: (أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة) (3).
NoteV01P033N01 وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: اللهم صل على آل (4) أبى أوفى (5).
صفحه ۳۳
NoteV01P034N02... وكان إذا أتاه قوم بصدقتهم قال: اللهم صل على آل فلان.
NoteV01P034N03 عن أنس بن مالك قال: كنا ندعو لأصحابنا بالغيب فنقول: اللهم اجعل منك على فلان صلوات قوم أبرار الذين يقومون بالليل ويصومون بالنهار.
(انتهى الشفاء).
NoteV01P034N04 وفي جمع الفوائد: عبد الله بن أبي أوفى قال: كان أبى من أصحاب الشجرة، وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا أتاه قوم بصدقتهم قال: " اللهم صل على فلان " فأتاه أبى بصدقته فقال: " اللهم صل على آل أبي أوفى ". (للشيخين، وأبى داود، والنسائي).
NoteV01P034N05 وفي سنن أبي داود: عن جابر بن عبد الله: إن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: يا رسول الله صل علي وعلى زوجي. فقال: صلى الله عليك وعلى زوجك.
NoteV01P034N06 وفي جمع الفوائد: في باب فضل الصلاة بالجماعة: أبو هريرة رفعه: فإذا صلى
صفحه ۳۴
الرجل لم تزل الملائكة تصلى عليه ما دام في مصلاه: " اللهم صل عليه، اللهم ارحمه ". ولا يزال أحدكم في صلاة ما انتظر الصلاة. (للستة إلا النسائي).
NoteV01P035N07 أبو أمامة (الباهلي قال): ذكر للنبي صلى الله عليه وآله وسلم رجلان عالم وعابد، فقال: فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم. إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض حتى النملة في جحرها، والحيتان في البحر، يصلون على معلم الناس الخير. (للترمذي).
NoteV01P035N08 وفي باب طاعة الامام: عوف [بن مالك] رفعه: خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم ويصلون عليكم. وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم.
قلنا: أفلا ننابذهم؟
قال: لا. ما أقاموا فيكم الصلاة... (لمسلم).
NoteV01P035N09 وفي كتاب الإصابة؟ في ترجمة " سعد بن عبادة ": روى أحمد عن قيس بن سعد: زارنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم في منزلنا فقال: السلام عليكم ورحمة الله. ثم رفع يده فقال: اللهم اجعل صلواتك ورحمتك على آل سعد بن عبادة (1).
صفحه ۳۵
NoteV01P036N10 وروى أبو داود من حديت قيس بن سعد: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: اللهم اجعل صلواتك ورحمتك على آل سعد بن عبادة.
NoteV01P036N11 وفي ترجمة " كدير القيسي " من الصحابة:... يقول في التشهد في الصلاة: اللهم صل على النبي والوصي.
NoteV01P036N12 وفي ترجمة " ميثم " - كان له صحبة -:... من عادته إذا ذكر عليا يصلى عليه.
وفي ديوان علي (1) (كرم الله وجهه)؟ قال خطابا (2) لقريش في مدح عمه حمزة (صلى الله عليه):
ومن قتلتم على ما كان من عجب * منا فقد صادفوا خيرا وقد سعدوا لهم جنان من الفردوس طيبة * لا يعتريهم بها حر ولا صرد (3) صلى الاله عليهم كلما ذكروا * فرب مشهد صدق قبله شهدوا قوم وفوا لرسول الله واحتسبوا * شم العرانين منهم حمزة الأسد (4) ليسوا كقتلى من الكفار أدخلهم نار * الجحيم على أبوابها رصد وفي أول الفتوحات المكية - كتبها الشيخ الأكبر بيده عند ذكر علي (صلى الله عليه) -:
فمن هذه الآيات والأحاديث علم أن لا تكون التصلية والتسليمة على الأنبياء
صفحه ۳۶
والملائكة مختصا لهم. ولدليل مشروعية التصلية والتسليمة في الصلاة بأمره صلى الله عليه وآله وسلم:
قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، والسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.
والمشروعية " السلام عليكم ورحمة الله " حين الفراغ عن الصلاة، وحين الملاقاة، وتبليغ المسلم التسليمة إلى أخيه المسلم برسول أو بالكتابة إليه.
وإنما نشأ هذا القول - بأنهما مختصان للأنبياء والملائكة - من التعصب بعد افتراق الأمة. نسأل الله أن يعصمنا عن التعصب.
NoteV01P037N13 وعن جعفر الصادق قال في تفسير (إن الله وملائكته يصلون على النبي):
الصلاة من الله (عز وجل) رحمة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومن الملائكة تزكية ومدحهم له، ومن المؤمنين دعاء منهم له.
NoteV01P037N14 وفي جواهر العقدين والصواعق المحرقة:
روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: لا تصلوا علي الصلاة البتراء (1).
قالوا: وما الصلاة البتراء يا رسول الله؟
قال: تقولون: اللهم صل على محمد وتسكتون، بل قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد.
NoteV01P037N15 وأخرج أبو نعيم الحافظ وجماعة المفسرين، عن مجاهد وأبى صالح، هما عن
صفحه ۳۷
ابن عباس (رضي الله عنهما) قال: آل ياسين آل محمد، وياسين اسم من أسماء محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
NoteV01P038N16 وفي عيون الاخبار: عن الريان بن الصلت قال: إن الإمام علي بن موسى الكاظم في مجلس المأمون وقد سأله عن تفسير قوله تعالى: (سلام على إل ياسين) (1).
قال: حدثني أبي، عن آبائه، عن أمير المؤمنين علي عليهم السلام قال: ياسين محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ونحن آلياسين.
فقالت العلماء الذين حوله: ياسين محمد صلى الله عليه وآله وسلم لم يشك فيه واحد.
ثم قال الامام: إن الله أعطى محمدا صلى الله عليه وآله وسلم فضلا عظيما، وذلك أنه لم يسلم على آل أحد من الأنبياء إلا آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم فقال : (سلام على إل ياسين)، إن الله - تبارك وتعالى - قال في قصة إلياس النبي عليه السلام: (سلام على إل ياسين) لو كان مراده تعالى هذا النبي لقال: سلام على إلياس.
وإن قيل إنه - تعالى - سلم على جمع إلياس.
فقلنا: إن إلياس واحد لا متعدد، ومع أنه لو كان إلياس ثلاثة أو أكثر لقال سلام على الالياسين - بالمعرف باللام -، لان قاعدة الجمع بالتعريف باللام.
ولما بشر الله الصابرين من المؤمنين بالصلوات والرحمة قال: محمد صلى الله عليه وآله وسلم أليق وأجدر بالصلوات والرحمة. ولما كانت تصلية المؤمنين الدعاء، فالأحسن
صفحه ۳۸
والأولى والأكثر ثوابا أن يكمل المؤمن دعاءه للنبي صلى الله عليه وآله وسلم بضم آله. كما ورد عن الأئمة من أهل البيت في مناجاتهم ودعواتهم بضم الآل حيث قالوا: " اللهم صل على محمد وعلى آل محمد " بإعادة كلمة " على " أو بغير إعادتها اكتفاء بالعطف.
ثم إن العلماء اصطلحوا في التصلية والتسليمة على الأنبياء والملائكة عليهم السلام عند ذكرهم، والترضية على الآل والأصحاب (رضي الله عنهم) عند ذكرهم، فلا منازعة في الاصطلاح، لكن كثرة الثواب وجزيل الاجر في متابعة الله حيث سلم على الآل في قوله: (سلام على إل ياسين) (1).
وفي قوله: (هو الذي يصلى عليكم وملائكته) (2).
وفي قوله: (أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة) (3).
وفي متابعة رسوله حيث قال بأمر ربه: اللهم صل على آل أبي أوفى وآل فلان.
فمن قال: اللهم صل على حمزة، أو على علي، أو على غيرهما. أو قال:
صلوات الله عليه، أو قال: صلى الله عليه، أو سلام الله عليه، أو عليه أو عليهم السلام بالافراد أو الجمع، فقد اتبع الله ورسوله اتباعا كاملا. مع أنه صلى الله عليه وآله وسلم أمر أمته أن يضم آله عند التصلية له في التشهد في الصلاة، ونهاهم عن الصلاة البتراء (4). فمن أكمل دعائه للنبي صلى الله عليه وآله وسلم بضم آله فقد استحصل كمال رضاء الله ورضاء رسوله، وأجزل الله أجره لأنه صلى الله عليه وآله وسلم منهم وهم منه، بدليل أنه صلى الله عليه وآله وسلم أدخل نفسه الكريمة المباركة في الآل.
صفحه ۳۹
NoteV01P040N17 في الإصابة: في ترجمة " مهران مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ":
روى الثوري، عن عطا بن السائب قال: أتيت أم كلثوم بشئ من الصدقة فردتها وقالت: حدثني مهران أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة، ومولى القوم منهم.
NoteV01P040N18 وفي ترجمة " رشيد بن مالك ": قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم جاء رجل بطبق عليه تمر فقال: هذا صدقة. فقدمها إلى القوم، والحسن بين يديه، فأخذ تمرة فأدخلها في فيه، ثم أدخل النبي صلى الله عليه وآله وسلم أصبعه في فيه فقذفها ثم قال: إنا آل محمد لا نأكل الصدقة.
NoteV01P040N19 وفي جواهر العقدين: عن الحسن بن علي قال: كنت مع جدي صلى الله عليه وآله وسلم فمر على جريف (1) من الصدقة، فأخذت منها تمرة فألقيتها في في، فادخل جدي صلى الله عليه وآله وسلم يده في في فأخذها بلعابها، فقال لي: أما شعرت أنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة.
. رواه. أحمد، والطحاوي، واسناده قوي جيد.
NoteV01P040N20 أخرج الحافظ جمال الدين الزرندي، عن أبي الطفيل وجعفر بن حبان قالا:
خطب الحسن بن علي (رضي الله عنهما) بعد وفاة أبيه قال:
أيها الناس؟ أنا ابن البشير، وأنا ابن النذير، وأنا ابن السراج المنير، وأنا ابن
صفحه ۴۰
الذي أرسل رحمة للعالمين، وأنا ابن الداعي إلى الله، وأنا من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وأنا من أهل البيت الذين كان جبرئيل ينزل عليهم، وأنا من أهل البيت الذين افترض الله مودتهم، فقال سبحانه وتعالى: (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا) (1). واقتراف الحسنة مودتنا (2).
ولما نزلت (يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) (3). فقالوا:
يا رسول الله كيف الصلاة عليك؟ فقال: قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد.
فحق على كل مسلم أن يصلي علينا فريضة واجبة.
وأحل الله خمس الغنيمة لنا كما أحل له، وحرم الصدقة علينا كما حرم عليه صلى الله عليه وآله وسلم.
فأخرج جدي صلى الله عليه وآله وسلم يوم المباهلة من الأنفس أبى، ومن البنين أنا وأخي الحسين، ومن النساء فاطمة أمي، فنحن أهله ولحمه ودمه، ونحن منه وهو منا.
وهو يأتينا كل يوم عند طلوع الفجر فيقول: الصلاة يرحمكم الله، وتلي (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (4).
وقد قال الله تعالى: (أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه) (5).
فجدي صلى الله عليه وآله وسلم على بينة من ربه، وأبى الذي يتلو.، وهو شاهد منه.
صفحه ۴۱
وأمر الله رسوله أن يبلغ أبى سورة البراءة في موسم الحج. وقال جدي صلى الله عليه وآله وسلم حين قضى بينه وبين أخيه جعفر ومولاه زيد في ابنة عمه حمزة:
أما أنت يا علي فمني وأنا منك، وأنت وفي كل مؤمن بعدي.
فكان أبى أولهم إيمانا، فهو سابق السابقين، وفضل الله السابقين على المتأخرين، كذلك فضل سابق السابقين على السابقين، وذلك إنه لم يسبقه إلى الايمان أحد غير جدتنا خديجة (عليها سلام الله جل وعلا).
وإن الله (عز وجل) بمنه وبرحمته فرض عليكم الفرائض لا لحاجة منه إليها، بل برحمة منه لا إله إلا هو، ليميز الخبيث من الطيب، وليبتلي الله ما في صدوركم، وليمحص ما في قلوبكم، ولتسابقوا إلى رحمته، ولتتفاضلوا منازلكم في جنته.
NoteV01P042N21 أخرج أحمد في " المسند " وفي " المناقب "، وموفق الخوارزمي، هما، عن عبد الله بن حنطب قال:
إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: لتنتهين يا بني وليعة (1) أو لأبعثن إليكم رجلا كنفسي، يمضي فيكم أمري، يقتل المقاتلة، ويسبي الذرية. فالتفت إلى علي، فأخذ بيده فقال: هو ذا.
أيضا أخرج ابن أحمد نحوه.
NoteV01P042N22 وفي عيون الاخبار: عن الريان بن الصلت: إن الإمام علي الرضا تلا قوله
صفحه ۴۲