============================================================
المبحث الأول العشق وصفته، والمعشوق وصفته، وفضل العشق على الجماع (1) العشق وصفته: العشق: من سمح الجواهر، وكرم المفاخر، وتداعى الضمائر، واتفاق الأهواء، وامتزاج الأرواح، وازدواج الأشباح، وتخالص القلوب، وتعارف الأفئدة، لا يكون إلا من إعتدال الضورة، وذكاء الفطنة، ورقة الحاشية، وصفاء المزاج، واستواء التركيب والتأليف، لأن معنى علله علوية، تنبعث خواطره بحركات فلكية، ونتائج نجومية، وهذا قول أكبر المتكلمين، ومذهب جميجهم يدور على قوله : "القلوب أجناد مجندة" الخديث.
وقد جرى نزاع بين الناس فى آسباب وقوع الهوى وكيفيته، وهل يكون ذلك عن نظر وسماع واختيار أم عن اضطرار؟ وما علة وقوعه بعد أن لم يكن؟ ثم عدمه بعد كونه؟ وهل ذلك فعل للنفوس الناطقة، أو فعل الجسم وطبعه؟
فذهر عن أبقراط أنه قال: الهوى امتزاج النفس بالنفش، كما لو امترج الماء بماء مثله، عسر تخليصه، بل لا يمكن بحيلة من :الاحتيال ألبتة، والنفس ألطف من الماء، وأرق مسلكا،: فمن ذلك لا يزيله مرور الليالى: ولا تخلقه الدهور، ولا يدفعه دافع، توعر على الأطباء مسلكه، وخفى عن الأبصار موضعه، وحارت القلوب دون كيفيته، غير آن ابتداء حركته وعظيم سلطانه من القلب، ثم ينقسم على سائر الأعضاء، فتبدأ الرعدة فى الأطراف، والصتفرة فى الألوان، واللجلجة فى اللسان، والزلل والعثار فى النطق، حتى ينيب صباحبه إلى النقص.
وقد قيل:
صفحه ۶