وجاء في كلامهم نسيج وحده، وعبير وحده، وجحيش وحده بالجر، وإنما هذا مضاف إلى المصدر كأنهم قالوا: نسيج إفرادا لا يوجد مثله؛ لانفراده بدأبه وعمله.
وقالوا: في جمع أحد آحاد، وجمع واحد وحدان وأحدان، ويقولون: أحد الرجلين ولا يقولون: واحد الرجلين، ولزموا أحدا وإحدى في العدد.
ولو استعملوا في أحد وعشرين وإحدى وعشرين واحدا وعشرين وواحدة وعشرين كان جائزا ولكن لما كان باب العدد وباب التعبير لزموا فيه أحدا وإحدى وهما مغيران عن الأصل، وقالوا: واحد ولم يقولوا في التثنية: واحدان لأن واحدا اسم لما لا ثاني له، وقالوا: اثنان حين أرادوا أن كل واحد منهما ثالث للآخر.
وأحد في القرآن على ثلاثة أوجه:
الأول: يعني: الله ﷾، وهو قوله: (أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ) يعني: أن لن يقدر عليه الله، أو أن يحسب أن لن يقدر الله أن يبعثه.
وكذا قوله - قحالى: (أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ) وأول الآية: (يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا) أي: أنفقت المال الكثير في وجوه كثيرة، ومن أحصاه عليَّ فيحاسبني به، فقال الله: (أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ) أي: لم يره الله.
الثاني: النبي ﷺ، قال: (وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا) يعنون النبي ﷺ، وكذلك قوله: (إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ) يعني: على النبي ﵇؛ لأنه ثبت حين انهزموا فمروا على وجوههم، ولم يقيموا عليه، ويجوز أن يكون المعنى أن بعضكم لم يقم على بعض.
الثالث: قوله: (وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى) جاء في التفسير أنه عني بلالا مولى أبي بكر ﵁ وأراد أنه لم تكن لبلال نعمة عند أبي بكر يعتقه من أجلها، وإنما أعتقه لوجه الله، ويجوز أن تكون الآية فيه وفي غيره ممن يفعل الخير لا ليد يجازي بها ولكنها لله تعالى.
1 / 83