ومعنى الآية على هذا: إنكم لم تغلوا في الأنبياء. كغلو النصارى في عيسى، إذ قالوا: إنه إله. ولم تقصروا فيهم تقصير اليهود؛ إذ قالوا: إنه كذاب.
ومن الأول قولهم: فلان وسيط في حسبه، أي: هو الكامل المتناهي.
وفي الآية دليل على أن الأمة لا تجتمع على الباطل.
والوسط بالإسكان: الموضع.
والوسط بالتحريك: ما بين طرفي كل شيء، وأصل الكلمة العدل، فالمكان لا يمتد إلى المسافة إلى أطرافه.
والرجل الأوسط في قومه: الذي تكللُه الشرف من نواحيه.
العاشر: قوله تعالى: (كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهَا).
يعنى: الكفار من أمة محمد ﷺ، وقد تقدم ذكر الأمم والرسل في القرآن، فعطف قوله: (كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ). على أولئك الرسل، فكأنه قال: كما أرسلنا إلى أمم رسلا من قبل أرسلناك إلى أمة، يعنى: هذه الأمة، و: (خَلَتْ) أي: مضت ولم تبق منهم باقية.
وفي هذا التزهيد في الدنيا والحث على الاعتبار بمن سلف. ثم قال: (لِتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ). أي: لتتلوه عليهم وتدعوهم إلى العمل به فحذف ذلك.
وقوله: (وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ) موصول بقوله (أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ). الكفر بالرحمن دينهم.
والأصل في هذا كله واحد إلا أن موضع الاستعمال يختلف.
1 / 36