وجودیت دینی: مطالعهای در فلسفه پل تیلیش
الوجودية الدينية: دراسة في فلسفة باول تيليش
ژانرها
الفصل الخامس
تحديث اللاهوت
يمكن اعتبار فكر باول تيليش بأسره نتيجة لازمة عن مقدمتين: الأولى أنه «لا يمكننا البتة الدخول في نظرة كتاب للإنجيل يقع بيننا وبينهم قرابة ألفي عام من الفكر.»
1
أما المقدمة الثانية فقد وقفنا عليها، وخلاصتها أن اللاهوت يقدم العلاج الناجع لأدواء الحضارة المعاصرة وتردياتها وعجزها عن إشباع الإنسان؛ فصحيح أن التناقضات الناجمة عن كون الإنسان موجودا متناهيا تطرح على العقل أسئلة، الوحي يقوم بالإجابة عليها بحيث يمثل خلاص الإنسان من تناهي عقله؛ إلا أن العقائد المسيحية ليست مجرد إجابة عن تساؤلات نظرية، بل هي حلول مثلى للمشاكل العملية؛ أي أن الدين من أجل الحضارة.
من هنا تقوم فلسفته على تبرير المسيحية وإثباتها بمقولات الحضارة، ومن منطلق احتياجاتها، ومن منظور مشاكلها؛ إنه يقف على الحدود بين العقيدة المسيحية وبين الحضارة العلمانية المعاصرة، معلنا أن هدفه إقامة الجسور بينهما؛ كي تصب التقاليد المسيحية الروحية الخصيبة الدافئة في قلب الحضارة المعاصرة؛ لتصبح ثيونومية، وعساها أن تخضوضر بعد أن شابها اصفرار.
وقد لاحظ تيليش أن مكمن قوة الاتجاه العلماني هي ممارسته المستمرة للنقد الذاتي؛ فرام أن تكتسب الكنيسة بعضا من هذه القدرة. ومن هنا دأب على تصويب النقد لأخطاء الكنيسة، ولا يفوته أن يقول مؤكدا: «على الرغم من أنني أوجه النقد كثيرا لمبادئ الكنيسة وممارستها، فإنها ظلت دائما موطني.»
2
فقد نشأ في أعطافها، وبلا شك يهيم بها عشقا بالقلب وبالعقل وبالنفس وبالروح، ومع هذا عرف كيف يقف على الحدود بينها وبين المجتمع بعلمانيته، وهو يعترف بأن «المسيحية استغلت إنجازات العلمانية حيثما وجدتها، سواء في مصر أو اليونان أو روما»؛
3
صفحه نامشخص