وجهة العالم الإسلامي
وجهة العالم الإسلامي
ناشر
دار الفكر معاصر بيروت-لبنان / دار الفكر دمشق
شماره نسخه
١٤٣١هـ = ٢٠٠٢م / ط١
محل انتشار
سورية
ژانرها
بالوسائل العارضة، وأما ألا يستخدم وقته في هذه السبيل، فيستسم- على العكس- لحظة إفقاره وتحويله كمًّا مهملًا، يكفل نجاح الفنية الاستعمارية: فتلك هي القابلية للاستعمار.
وهكذا كلما حاولنا تصنيف مختلف أسباب (الكف) التي تعرقل ضروب النشاط في العالم الإسلامي الحديث، والتي تشد تطوره إلى نسق متلكئ، والتي تزرع القلق والعجز، وأخيرًا الفوضى في حياته، وجدنا أن الأسباب الداخلية التي تنتج عن القابلية للاستعمار هي الأسباب ذات الشوكة والغلب.
وطبيعي أن نرى لهذا الوضع انعكاساته في الميدان السياسي، وهو الميدان الذي تتجلى فيه الخصائص الأخلاقية والفكرية والاجتماعية التي تتصف بها بيئة معينة وشعب معين؛ إن هناك أولًا علاقة مباشرة بين السياسة والحياة: فالأولى تخطيط للثانية، وما السياسة في جوهرها إلا مشروع لتنظيم التغيرات المتتابعة في ظروف الإنسان وأوضاع حياته، هذه العلاقة التي تحدد وضع الفرد باعتباره غاية كل سياسة، تعد الفرد أيضًا عاملًا لتحقيق تلك الغاية.
وهكذا يعد الإنسان عنصرًا في المشروع السياسي من وجهتين: أي باعتباره (ذاتًا) تحقق الغاية من السياسة و(موضوعًا) هو عينه الغاية المرجوة.
ولما كان وضع إنسان ما بعد الموحدين هو وضع الفرد المستعمر والقابل للاستعمار، فإن العلاقة بين الذات والموضوع هنا هي علاقة الفرد- باعتباره مستعمرًا- بذاته باعتباره (قابلًا للاستعمار)، وليست علاقة بين مستعمِر ومستعمَر.
هذه الملاحظة تسجل خطأ السياسات التي اتبعها العالم الإسلامي في الصميم؛ فقد اتجهت في كفاحها إلى المستعمر، دون أن تلتفت إلى الفرد الذي تسخره للقضاء على الاستعمار.
1 / 96