وجهة العالم الإسلامي
وجهة العالم الإسلامي
ناشر
دار الفكر معاصر بيروت-لبنان / دار الفكر دمشق
شماره نسخه
١٤٣١هـ = ٢٠٠٢م / ط١
محل انتشار
سورية
ژانرها
بل إن (العلم) في الأم الأغلب لم يكن آلة للنهضة، بقدر ما كان زينة وأسلوبًا وترفًا. ولقد رأينا في بلادنا (الجزائر) كيف أن الفكر لم يكن حركة وعملًا إيجابيًا، بل كان زخرفًا يؤخذ من باب التجمل؛ كان حلية لا تدخل في سلك قانون، ولا تخضع لمنطق نظري وعملي، وإنما تخضع لذوق ما بعد الموحدين (١).
وإذا ما ظل هذا الفكر متبطلًا منعدم التأثير بقي النشاط حركة فوضى، وتزاحمًا يبعث على الضحك والرثاء، وليس هذا سوى شكل من أشكال الشلل الاجتماعي.
فلكل نشاط عملي علاقة بالفكر، فمتى انعدمت هذه العلاقة عمي النشاط واضطرب، وأصبح جهدًا بلا دافع، وكذلك الأمر حين يصاب الفكر أو ينعدم، فإن النشاط يصبح مختلًا مستحيلًا، وعندئذ يكون تقديرنا للأشياء تقديرًا ذاتيًا، هو في عرف الحقيقة خيانة لطبيعتها، وغمط لأهميتها، سواء كان غلوًا في تقويمها أم حطًّا من قيمتها.
وهذان الشكلان من أشكال الخيانة يتمثلان في العالم الإسلامي الحديث في صورة نوعين من (الذهان Psychose): فإما أن يتمثل في صورة النظر إلى الأشياء على أنها (سهلة)، وهو قائد ولا شك إلى نشاط أعمى، (كما كانت الحال في قضية فلسطين)؛ وإما أن يأخذ صورة النظر إليها على أنها (مستحيلة)، فيصاب النشاط بالشلل وهو ما يحدث غالبا في شمال إفريقية.
ولقد قام هذا الذهان الأخير في الجزائر على قواعد ثلاث، من الواجب أن نذكرها، هي:
(١) كتبت إلي إحدى الصحف فيما مضى (تشكرني) على مقال نشرته لي، تقول: إنها (حلَّت) به صفحتها الأولى.
1 / 88