وجهة العالم الإسلامي
وجهة العالم الإسلامي
ناشر
دار الفكر معاصر بيروت-لبنان / دار الفكر دمشق
شماره نسخه
١٤٣١هـ = ٢٠٠٢م / ط١
محل انتشار
سورية
ژانرها
دفع الناخ الإنسان إلى استخدام النار عنصرًا أساسيًا في حياته، وإلى تأثيث بيته تبعًا لظروف عمله، وتبعًا للمناخ الذي يحيط به، ولاستخدامه النار. وبذلك صارت المنضدة والكراسي ضرورية لحياة الأسرة، يجتمع أفرادها ساعات معينة لتناول وجبات مشتركة.
أما خارج البيت فقد كانت هذه الأسرة متصلة ببقية الأسر المجاورة طبقًا لشروط معينة.
فتولدت عن ذلك الروح القروية بين الجموع المحلية، وهي التي أدت فيما بعد إلى وجود الحياة الاجتماعية شيئًا فشيئًا، وبهذا اندمج الفرد في وضع تنطبق عليه شرائط الحياة المستقرة ومطامحها.
هذا المنوال هو الذي نسجت عليه الحياة الأوربية في أصولها البعيدة، لذلك لم تفلح السيطرة الرومانية أو الزحوف الجرمانية في تعديله خلال القرون، حتى إننا نرى اليوم المرأة الأوربية تنزل إلى الحقل لتأخذ بيدها قبضة من العشب لأرانبها، بينما طفلها يلهو بلعبه الريفية. فهذه صورة من صميم مجتمع تغلغل فيه معنى المنفعة. ثم تفد إليه تعاليم المسيح وفلسفة ديكارت لتكمل هذه الصورة، فتمده الأولى بالاتجاه نحو العموم، وبذلك تمنحه ما كان يفتقر إليه استقراره من حركة ونشاط، وتنظم الثانية ضروب نشاطه الأساسية تنظيمًا علميًا، كيما تدفعه دفعًا مثمرًا إلى الازدهار الصناعي الذي سينتج عن تطوره.
في هذا المجتمع ذي الفضائل الجذبية الأثرة- التي سنت التعاون وجهلت سنة الضيافة- أودعت المسيحية (خميرة) التوسع الأخلاقي، الذي استخدم فيما بعد ذريعة للحروب الصليبية، وللمشاريع الاستعمارية.
حتى إذا جاءت الحروب الصليبية وجدنا الحضارة الأوربية تخرج عن حدودها لتجني حصادًا طيبًا من الحضارة الإسلامية، ودفعتها هذه الاتجاهات
1 / 40