وحدت ایتالیا

طه الهاشمی d. 1380 AH
182

وحدت ایتالیا

الوحدة الإيطالية

ژانرها

الفصل الأربعون

مينتانة

نيسان-كانون الأول 1867

تقلد رتازي رئاسة الوزارة في 11 نيسان مستندا إلى أحزاب المركز، وكان يرجو أن يؤلف الوزراة بالاتفاق مع اليسار ومع الحزب الدائم إذا أمكن إلا أنه لم يوفق إلى ذلك؛ إما لأن رتازي وكريسبي كان لا يعتمد أحدهما على الآخر، وإما لأن كريسبي أدرك أن وقوع نزاع بين الحكومة وبين غاريبالدي لا بد منه، أو لأنه اشترط على رتازي شروطا يتعذر قبولها؛ ولذلك انقطعت المذاكرات بينهما فاستند رتازي إلى أنصاره فقط وألف وزارة من رجال ثانويين، وكان موقفه تجاه البرلمان أشد حراجة من موقفه سنة 1862، ومع أنه وجد متكأ له وعضدا في الرغبة التي كانت تسود جميع الأحزاب في اجتناب إحداث أزمة جديدة إلا أنه لا اليمين ولا اليسار كانا على استعداد لمظاهرته مظاهرة جدية يذهبون فيها إلى أبعد من التساهل الذي اقتضته الظروف.

وعليه فإن رتازي رأى أن سلامته في السير على سياسته اللبقة القديمة التي تستند إلى التوازن بين الأحزاب، فطلب معاضدة ريكاسولي ولوح لليسار بما يغريه على الاشتراك في الحكم، وأخذ على عاتقه بعض التعهدات لكريسبي، بيد أن كريسبي ذاته على الرغم من نفوذه لم يستطع إقناع اليسار بالاشتراك مع رجل إسبزومونتة عن طيبة خاطر، أما الجماعة المتطرفة التي كان يرأسها برتاني فجاهرت بمعارضتها إياه، وكانت هناك حزازات ترجع إلى عهد قديم تحول دون الاتفاق مع اليمين، وبمجيء رتازي للحكم انتعشت الآمال التي استيقظت قبل خمسة سنوات، أما القوميون الذين عيل صبرهم فرجوا أن يفسح لهم مجال الذهاب إلى روما، آملين أن يتواطأ معهم، أما المتحمسون الذين يريدون روما فكانوا ككل المتحمسين أقلية في المجلس إلا أنها أقلية قوية تتمتع بعطف الأكثرية.

وندد بالميثاق رجال سياسيون؛ كانوا ينشدون إكمال وحدة الأمة وعلمانيون يعتبرون البابا وريث «تروكويمادا أولويولا» وعدو الرقي الأزلي، مستندين في شوقهم هذا إلى القرار المكرر الذي أعلن فيه البرلمان أن روما عاصمة إيطالية.

وطبيعي أن يعتمد المتحمسون على غاريبالدي؛ ليقودهم نحو روما، وكان غاريبالدي قد انسحب إلى كاربيره مقتنعا بأن سياسة التريث هي السياسة المثلى لإنقاذ روما، وقد استدعي في شهر شباط من عزلته لاستغلال نفوذه في الانتخابات ضد مشروع الكنيسة الحرة؛ حيث أخذ يبشر بدين غامض «باسم الله وعيسى الحر»، وكان يؤكد بأن على الطليان أن يقتحموا روما بالقوة إذا كانت الوسائط المشروعة لا تجدي للاستيلاء عليها، وكان موقنا بأن فرنسة لن تتدخل وأن بروسية ستقدم المساعدة، وكان يحسب أن القضية ستحسم من دون سفك دماء.

ولقد لقنه أصدقاء كريسبي فكرة الوسائط المشروعة وحالوا دون التأليف بينه وبين رتازي وكانت معرفة حقيقة سياسة رتازي أمرا صعبا، ومع أن آراءه بشأن القضية الرومانية يحتمل أن تكون قد تطورت منذ وصوله إلى فلورنسة إلا أنه ربما كان يود لو تظل راقدة في سياستها فيستفيد من هذا التأجيل لإنقاذ البلاد من الإفلاس.

وكان قد حمل على الامتيازات التي منحها ريكاسولي للكنيسة إلا أنه لم يشأ أن يخاطر بقطع الحبل مع فرنسة؛ لذلك وعد بأن يراعي الاتفاق نصا وروحا آملا أن تمل أوروبا من القضية البابوية فتسمح لإيطالية بأن تسلك طريقها بلا عرقلة، ولم يكن يستطيع أن يبقى في الحكم إذا لم يعاضده اليسار وما كان اليسار يأمن جانبه إلا إذا قطع وعودا علنية سرية بأن يأخذ بالسياسة المتطرفة، وكان رتازي على اتصال بأحرار روما حتى ظن كريسبي بأن رتازي وغاريبالدي يضعان خطة للعمل مشتركة، أما التصريحات التي فاه بها رتازي في البرلمان فاعتبرت تحريضا للرومانيين على الثورة، ولعل رتازي توقع أن تمنى مشاريع غاريبالدي بالفشل فعمل على أن يجعل حزب العمل في قبضته فيستطيع أن يستخدمه كما يشاء، فإما أن يقضي عليه وإما أن يرمي به عرض الحائط كما تقتضيه الظروف، وكان يتوقع أن تثير قضية لوكمسبورج الحرب بين بروسية وفرنسة فتساعد الصدف على المسير نحو روما.

وكان هناك حل يرضى عنه جميع الأحزاب ما عدا اليسار المتطرف ومازيني، وذلك أن يثور الرومانيون ثورة تؤدي إلى قلب البابا وهو الحل الوحيد المشروع الذي يسوغ إهمال الاتفاقية، وعلى الرغم من حركة الارتجاع في فرنسة ومن تهديد الحكومة الإفرنسية؛ فإنه لن يتصور أبدا أن الإمبراطور يستطيع أن يعترض على استفتاء عام يقرر انضمام روما إلى إيطالية، وكان كثيرون من الوطنيين يعتقدون - كل الاعتقاد - بأن الرومانيين هم الذين سيتولون إنقاذ أنفسهم.

صفحه نامشخص