ذلك. وسيظل الكثير من المعلومات التي قدمها ليون، حتى عصر طويل قادم، موضع ثقة، وعلى الأخص من وجهة النظر التاريخية البحتة. ولهذا كان من الأهمية أن نقدم لكتاب ليون ترجمة عصرية دقيقة وأمينة قدر المستطاع.
ويوجه راموزيو، في إهدائه كتابه إلى عالم كبير في زمانه، هو جيروم فراكاستور، يوجه انتباهنا إلى أن ليون كان مغربيا. ويذكر لنا بأنه، بعد أسره في جزيرة جربه (3)، قدم هدية للبابا الذي أحسن وفادته حتى أنه عمده ومنحه اسميه جان- وليون، وأنه تعلم الايطالية. وقد ألف ليون في هذه اللغة كتابا في الجغرافيا اعتمادا على مذكراته المكتوبة بالعربية. وهذا الكتاب المنسوخ بقلم المؤلف نفسه، هو الذي وصل ليد راموزيو، والذي أبان عن طريقة نقله له إذ يقول «لن ندخر وسعا في أن نجعله واضحا ممكنة قراءته، وأن نلتزم بكل أمانة ممكنة».
وقد جرى البحث بدون طائل- وكان لا بد أن يحدث ذلك- عن المخطوط العربي. فقد رجح المستشرق لويس ما سينيون، الذي نشر في عام 1906 (4) تحت عنوان «المملكة المغربية في السنوات الأولى من القرن السادس عشر» (5) لوحة جغرافية عن ليون الافريقي، ويعتبر كتاب لويس ماسينيون كبير القيمة ولا يزال وثيقة أساسية فيما يتعلق بمؤلف «وصف إفريقيا»، اذ يرجح أن ليون كتب مؤلفه مباشرة بالايطالية استنادا إلى مذكرات مسجلة بالعربية. فليس لهذا المخطوط أصل عربي نقل عنه، وإنما اعتمد صاحبه فقط على مذكرات كانت لديه باللغة العربية. ولكن هل اختفى النص الإيطالي الأصلي الذي استعان به راموزيو؟
لقد أتيح للمكتبة الوطنية في روما، عام 1931 (6) أن تحصل بطريقة الصدفة في مناسبة بيع كتب، على مخطوط يحمل عنوان هذا الكتاب «وصف إفريقيا» ووضع في ثبتها تحت رقم 953، ولكن هذا النص يختلف كثيرا، في شكله، عن النص الذي طبعه راموزيو، ومن المؤكد أن هذا الكتاب هو نسخة جيدة عن الأصل الذي استخدمه راموزيو.
صفحه ۱۸