وقد أسهبت نوعا ما في هذه القصة الطويلة لانها حدثت امام عيني. ولاني اشتركت فيها، ولانني ايضا ربحت بعض الدنانير لقاء ابتكاري الحيلة السابق ذكرها واخيرا لانني رأيت لاول مرة مبلغا بمثل هذا القدر من الذهب، ومما هو جدير بالذكر ان ملك فاس لم يسبق له ان رأى ابدا مثل هذا المبلغ، لأن هذا الملك المسكين، الذي يجبي اليه كل عام زهاء ثلاثمائة الف دينار، لم يكن لديه تحت يده مائة الف، كما لم يكن لدى والده مثلها قط. وترون من خلال هذه الحكاية كيف يمكن التوصل لابتزاز المال بهذه الوسائل عن طرائق الغدر والمناورات. وقد وقع هذا الحادث في عام 915 ه (325) ولكن الامر المدهش اكثر من ذلك ان يهوديا واحدا دفع اكثر مما دفعه هؤلاء الوجهاء مجتمعين لانه وشى بثروته. ولهذا السبب حكم على اليهود عن طريق القضاء بغرامة بلغت خمسين الف دينار لأنهم حابوا الحزب المعادي للملك. وقد كنت بصحبة المندوب الذي حصل هذه الغرامة.
أفزة: مدينة من تادله
أفزة (326) مدينة صغيرة على مسافة ميلين تقريبا من تفزه. وفيها حوالي خمسمائة أسرة . وقد قامت فوق تل عند حضيض جبال الاطلس. وهي مأهولة بالمغاربة (327) وباليهود. وتصنع فيها كمية من البرانس. وجل سكانها من التجار أو من الفلاحين.
ويحكمها أناس من تفزه. ونساء هذه البلدة ماهرات جدا في شغل الصوف فيصنعن برانس وخمارات (328) جميلة جدا، وبذلك يربحن من المال أكثر من رجالهن الى حد ما.
ويمر من بين أفزه وتفزه نهر يدعى نهر درنه. وهذا يتولد في الاطلس، ويمر من بين التلال ويجري في السهل إلى أن يصب في نهر أم الربيع. ويوجد بين هذه التلال، عند حافة النهر، مزارع أشجار مثمرة مليئة بكل أنواع الفاكهة المشتهاة. وملاكو هذه البساتين دمثو الأخلاق على غاية من الكرم فكل تاجر غريب يمكنه أن يدخل إلى بساتينهم ويأكل قدر ما يستطيع.
صفحه ۱۹۰