68- قال: وحدثني أسد بن موسى، عن يزيد بن عطاء، عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: {إن الأبرار لفي نعيم} {يسقون من رحيق مختوم. ختامه مسك} قال: الرحيق: الخمر في الجنة من أشرف خمر الجنة، وقوله: مختوم يعني مختوم على آنيته بخاتم من مسك كما يختم أهل الدنيا على آنية شرابهم بطين، كان ابن عباس يقرؤها خاتمة على سان الخاتم، وإنما معناه الختم عليه، كما يختم على الشراب.
قال عبد الملك: وهو أحسن ما سمعت فيه، وقد سمعت قولا كثيرا.
69- وقد حدثني أسد/ بن موسى في تفسير {ختامه مسك} عن ابن مسعود أنه كان يقول: خلطه مسك، وأن قتادة كان يقول: عاقبته مسك أي آخره.
قال عبد الملك: وكل ما قال هؤلاء هو فيه بلا شك خلطه مسك، وطعمه مسك ورائحته مسك، وأوله مسك، وآخره مسك في طيبه وطيب رائحته، غير أنه ليس تفسير الكلمة بعينها إلا الختام ختام الشيء، ألا ترى أنه عز وجل قال في كتابه: {مختوم} فكيف ينصرف معنى الخلط، والطعم، والريح، وآخره إلى مختوم هذا لا يمكن في تصرف الكلمة إنما تفسيره على ما قال ابن عباس.
قال عبد الملك: وأما قوله: {ومزاجه من تسنيم} قال: تسنيم عين من ماء، أشرف عيون ماء في الجنة، يمزج فيها لأصحاب اليمين، وهم جماعة أهل الجنة، ويشرب منها المقربون يعني صرفا غير ممزوج، كذلك قاله ابن عباس، وابن مسعود في تفسيرهما، وقاله الحسن، وقتادة، وغيرهما.
قال عبد الملك: وأما قوله تعالى: {إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا. عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا} فهي الكأس ها هنا الخمر من خمر الجنة ، وقوله تعالى: {كان مزاجها كافورا} فالكافور ها هنا اسم عين من عيون الماء في الجنة سماها الله تعالى كافورا ثم بينها، فقال: {عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا}/ وكان قتادة يقول في تفسير تفجيرها: إن أحدهم يومئ إليها بإصبعه حيث يريد أن يسلك فتتبعه.
صفحه ۲۴