أما بعد:
فقد خطر لي أن أجمع كتابا أجعله وسيلة لبلوغي من رضا الله تعالى ورسوله المرام، وذريعة للانتظام في سلك (1) خدامه (عليه الصلاة والسلام).
ثم نظرت إلى قلة علمي، وضعف فهمي، وكثرة ذنوبي، ووفرة عيوبي .. فأحجمت (2) إحجام من عرف حده فوقف عنده، ثم تخطرت (3) سعة الكرم، وكوني من أمة هذا النبي الكريم .. فأقدمت إقدام الطفل على الأب الشفيق الحليم، بعد أن سمعت قول الله تعالى: لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤف رحيم [التوبة: 128].
فكم من أعرابي فدم (4)، لا أدب له ولا فهم، ولا عقل له ولا علم، ولا كرم ولا حلم .. قابل جنابه الشريف بما غضب له المكان والزمان، وخاطبه بما عبس له وجه السيف واحتد له لسان السنان (5) فكان جوابه الإغضاء (6)، والعفو عمن أساء، بل أدناه وقربه، وما لامه وما أنبه، بل
صفحه ۲۸