ورثة الممالك المنسية: ديانات آفلة في الشرق الأوسط
ورثة الممالك المنسية: ديانات آفلة في الشرق الأوسط
ژانرها
بعد فرار هؤلاء المهاجرين من الانحدار والتضاؤل الذي تعاني منه طوائفهم في أوطانهم، كانوا في معظم الأحيان يزدهرون في الولايات المتحدة، حيث يبنون أماكن عبادة جديدة ويكتسبون مزيدا من الثقة. يعيش المسيحيون في سوريا في خوف في ظل ما حدث لإخوانهم في الدين في العراق. لكن في ديترويت، يضع الأب شلهوب اللمسات الأخيرة على مجموعة أخرى من الأيقونات الرائعة. فالكنائس في بغداد تخلو شيئا فشيئا من الناس، لكن في بوسطن أنشأت راهبة عراقية تعمل قسيسة في جامعة بوسطن رهبانية جديدة للنساء في تلك المدينة الأمريكية. وفي لندن، تعلم نادية قطان، المتزوجة من بريطاني، أطفالها تراثهم العراقي، وتعد شاهين الماء الذي يمكن للأطفال الزرادشتيين رشه بعضهم على بعض للاحتفال بانقلاب الشمس الصيفي، تماما كما كان يفعل أسلافهم الفارسيون في عيد تيرجان كل عام. •••
بدأت هذا الكتاب ببعض الملاحظات حول سبب مغادرة الأقليات للشرق الأوسط. وبعد أن أمضيت أربع سنوات في مقابلتهم وقراءة تاريخهم، صرت أهتم بهم أكثر من أي وقت مضى. إذن ما الذي يمكن فعله؟ إنها شعوب الشرق الأوسط هي التي يجب عليها، أكثر من أي شخص آخر، أن ترمم مجتمعاتها المحلية المفككة. وقد يمنحهم الفهم الأفضل للتاريخ شيئا يمكن للجميع، بغض النظر عن الدين، أن يتشاركوا الشعور بالفخر تجاهه. أذهلني شيء قالته لي صديقة مسلمة متدينة من العراق بعد أن زارت المتحف البريطاني: «كان من المدهش اكتشاف أن تاريخ بابل كان أعظم حتى من تاريخ مصر، وأنها كانت مهد الحضارات؛ لم أكن أفهم أبدا ما يعنيه ذلك. إن سماع قصة ملحمة جلجامش، وإدراك أن جزءا هائلا من تراثي كان في المتحف البريطاني منحني ما هو أكثر من صدام لأتعلق به.» وأفضل ما في الأمر، أن معرفة التاريخ يمكن أن تساعدنا جميعا - أينما كنا - لنرى أن أي حضارة، سواء كانت رومانية، أو عربية، أو بريطانية، أو أمريكية؛ تكون في أنجح حالاتها عندما تكون أكثر انفتاحا على الآخرين وأفكارهم.
لكن ماذا يمكن للناس خارج الشرق الأوسط أن يفعلوا للمساعدة؟ أي شيء يريد الغرباء فعله لمساعدة الأقليات يجب أن يستند إلى سياسة نوايا حسنة تجاه جميع السكان. فالمدارس المسيحية، على سبيل المثال، أفادت المسيحيين في العراق، وفلسطين، ولبنان أكثر من أي شيء آخر؛ لأنها كانت مفتوحة للأطفال المسلمين، وبذلك حققت هدفا ثلاثيا تمثل في جعل المسيحيين أكثر قدرة على الحصول على لقمة العيش، وكسب النوايا الحسنة من المسلمين، وتوفير التعليم الإنساني للجميع. (ومما كان له أهمية بالغة، أنهم لم يحاولوا تغيير دين تلاميذهم المسلمين.) وعلى النقيض من ذلك، أدت التدخلات العسكرية الغربية بشكل عام إلى انتكاسة في قضية الأقليات، وليس إلى إحراز تقدم فيها. فأفراد أي أقلية يحتاجون إلى الحماية من مواطنيهم، وليس من الأجانب الذين يقيمون مدة وجيزة ثم يغادرون. عادة ما يقلق عدم الاستقرار الأقليات التي تشعر أنها مستضعفة بشكل خاص (وتكون كذلك بالفعل). وفي الآونة الأخيرة، عجل غزو العراق بهجرة ضخمة للمسيحيين والمندائيين من البلاد حيث تصاعدت الأمور إلى حرب أهلية.
في الوقت ذاته، تشارك حكومات الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، ودول أخرى في الشرق الأوسط بعدة طرق أخرى. فهي تمنح تمويلا من أجل التنمية. وتقدم الدعم العسكري. كما أنها، من خلال العمل مع الناس والمنظمات، تمنحهم كامل الدعم والتقدير. وعندما تفعل ذلك، يمكنها ويجب عليها اتخاذ موقف حازم في مواجهة أولئك الذين يحرضون على الكراهية الدينية، بغض النظر عن دينهم (تذكر في الفصل السادس كيف انتقد كاهن قبطي الدعاية المعادية للمسلمين التي يبثها أحد الكهنة من قبرص). إن عدم التركيز على التطرف إلا عندما يصبح عنيفا يتجاهل حقيقة أن العنف يكون نهاية عملية طويلة من التطرف، تبدأ بتشجيع الغضب والكراهية. وينبغي على الحكومات الغربية أن تأخذ المعتقد الديني على محمل الجد، وأن تفهمه جيدا بما يكفي لتمييز الفرق بين المؤمن المتحمس والداعي إلى الكراهية.
أخيرا، حق اللجوء متاح في دول مثل الولايات المتحدة، وكندا، وأستراليا للأقليات الدينية، وهذا في ذاته يغريهم بمغادرة بلدانهم الأصلية. ويحمي اللجوء المسيحيين، والإيزيديين، والمندائيين العراقيين من خطر مباشر، ووجدت أنهم ممتنون للغاية ويشعرون بولاء قوي لأوطانهم الجديدة، لكن اللجوء أيضا يؤدي إلى تلاشي مجتمعاتهم المحلية في أوطانهم الأصلية. يوجد حل جزئي لهذه المشكلة، وهو مساعدة أفراد هذه المجموعات على التمسك بتقاليدهم وبناء مجتمعات لهم في أوطانهم الجديدة. وأتمنى أن يشجعهم هذا الكتاب على فعل ذلك، من خلال الاحتفال بتقاليدهم وتاريخهم.
مصادر وقراءات إضافية
أود أن أشكر أولا الأشخاص الذين يمثلون موضوع هذا الكتاب. فلم يكن من الممكن كتابته دون مساعدة نادية قطان، وميرزا إسماعيل، وأبي شهاب، وشاهين بخرادنيا، وسامي مكارم، وبيني تسيداكا، والأب يوأنس، وأصدقائي في كنيسة سانت تريزا، وعظيم بيك، ووزير علي، وأصدقائي الإيزيديين في نبراسكا، وأولئك الذين قابلوني في ديترويت، بما في ذلك جورج ويوسف.
بالإضافة إلى تكرمه بكتابة تمهيد هذا الكتاب، كان روري ستيوارت مديرا لمركز كار التابع لكلية كينيدي بجامعة هارفارد خلال جزء من مدة زمالتي البحثية هناك، التي استمرت ثمانية عشر شهرا، والتي منحتني الفرصة (ضمن أشياء أخرى) لبدء البحث لكتابة هذا الكتاب. أود أيضا أن أشكر صندوق تمويل مؤسسة جيروود لمنحي في عام 2011 جائزة ساعدت في تغطية تكاليف بعض الرحلات التي تطلبها هذا الكتاب؛ فبين عامي 2010 و2013 زرت مصر ولبنان مرتين لكل منهما، وكردستان العراق، وباكستان ، وإسرائيل، والضفة الغربية.
أرشدني كل من لارا هايمرت ودان جيرستل من دار نشر بيسك بوكس، ومايك جونز من سايمون آند شوستر، وجورج لوكاس من إنكويل برودكشنز، خلال مرحلة تحرير هذا الكتاب من خلال تعليقاتهم الصبورة الجادة. وكذلك ساعدني كل من جاك فيرويذر، ودكتورة لانا عصفور، والسير جون جنكينز، والدكتورة بريجيد راسل، والبروفيسور فيليب كرينبروك، والدكتورة يورن باكلي، ووين ماجي، وفيليسيتي ديفونشاير، ودكتور نديم شحادة، وأليس براج، ودكتورة باربرا جيفريس، وجور هيرشبرج، ودكتور كورنيليس هولسمان، ودكتور أمين مكرم عبيد من خلال قراءة مسودات هذا الكتاب أو الفصول الفردية؛ ومع ذلك فهم لا يتحملون أي مسئولية عن الآراء الواردة في الكتاب، ولا أي أخطاء واردة فيه.
كما استفدت من محاضرات ونصائح البروفيسور علي أساني، والبروفيسور أوكتور شارفو، والدكتور تشارلز ستانج من جامعة هارفارد.
صفحه نامشخص