Warathat al-Anbiya (The Inheritors of the Prophets)
ورثة الأنبياء
ناشر
دار القاسم
ژانرها
قضوا من بعض ما راموا أوطارهم انصرفوا قاصدين ديارهم، فلزموا المساجد وعمروا المشاهد.
وقد قيل للإمام أحمد: أيرحل الرجل في طلب العلم؟ فقال: بلى والله شديدًا، لقد كان علقمة بن قيس النخعي والأسود بن يزيد النخعي وهما من أهل الكوفة، كانا إذا بلغهما الحديث عن عمر ﵁ لم يقنعا حتى يرحلا إلى المدينة فيسمعا الحديث منه.
ورحلاتهم ليست يومًا أو يومين فحسب، بل سنوات طويلة وأشهر متتابعة، مع ما فيها من مشقة وجهد، وجوع وعطش، وخطر الطريق وآفات المسير.
فقد رحل الإمام أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن منده لطلب العلم وعمره عشرون سنة، ورجع إلى بلده وعمره خمسة وستون عامًا، وكانت مدة رحلته خمسة وأربعين عامًا، وسمع فيها العلم وتلقاه عن ألف وسبعمائة شيخ، فلما رجع إلى بلده تزوج وهو ابن خمسة وستين عامًا، ورزق الأولاد، وحدث الناس وعلمهم (١).
وقال ابن المقرئ يحدث عن نفسه: طفت المشرق والمغرب أربع مرات.
وقال: مشيت بسبب نسخة «المفضل بن فضالة» سبعين مرحلة، ولو عرضت على خباز برغيف لم يقبلها (٢).
وقال عبد الله بن بريدة: إن رجلًا من أصحاب النبي ﷺ رحل إلى
_________
(١) تذكرة الحفاظ ٣/ ١٠٣٢.
(٢) تذكرة الحفاظ ٣/ ٩٧٤.
1 / 52