وقال: «إنما أردت أن أمنحك فرصة إطلاق النار علي إذا كنت تريد أن تفعل ذلك، والآن أريد أن أعتذر منك لما بدر مني من تصرف في المقهى. أتصور أنه يمكنني القول بأنني فعلت ما فعلت نتيجة سوء فهم من جانبي، وأنا على استعداد لفعل أي شيء لتعويضك عن ذلك.»
قال ديفيسون: «أوه، لا بأس! لست في حاجة لقول المزيد. أنا راض تماما الآن. لنعد إلى المدينة؛ فالجو بارد نوعا ما هنا.»
قال هارمون وهو يتنهد: «ولا يزال الإنجليز لديهم من الجرأة والوقاحة ما يجعلهم يتحدثون عن المبارزات الفرنسية!»
قرار كراندال
جلس جون كراندال إلى مكتبه وفكر في الموقف. كان الجميع قد غادروا وبقي هو في المكتب وحيدا. كان كراندال يشعر بالتعب والنعاس؛ ولذا فقد كان ميالا لأن يرى الأمور بنظرة متشائمة وكئيبة. ولم يكن ذلك لوجود مشكلة ما في عمله؛ إذ كانت أعماله في الواقع في حالة جيدة حتى هذه اللحظة، لكنها لم تمض قدما بالقدر الكافي، كان هذا هو ما يفكر فيه جون وهو يمعن التفكير في شئونه. كان يجني المال بالطبع، لكن كانت المشكلة أنه لا يجنيه بالسرعة الكافية.
وبينما كان جون يفكر في هذه الأمور، خلد إلى النوم تدريجيا وعلى نحو غير محسوس، وفي أثناء نومه راوده حلم ما . سيكون من السهل كثيرا أن نتظاهر بأن السيدتين اللتين أتيتاه في حلمه دخلتا مكتبه فعلا وأنه ظن أنهما من زبائنه المعتادين أو شيء من هذا القبيل، في حين أن في نهاية القصة - حين أصاب الذهول الجميع - يمكن توضيح الأمر كله بالإفصاح عن حقيقة أن الأمر برمته كان مجرد حلم، لكن بما أن هذه الرواية صادقة وحقيقية، فلن نستخدم أي خدعة، وسنعترف منذ البداية أن جون كان ضحية حلم رآه.
في هذا الحلم، تقدمت منه سيدتان في غاية الجمال. كانت إحداهما ترتدي ثيابا فاخرة وتتزين بمجوهرات براقة. وكانت الأخرى ترتدي ملابس عادية. في البداية، ظن السيد كراندال في حلمه - أو حلم بأنه ظن - أن السيدة التي ترتدي ملابس فاخرة كانت هي الأجمل بينهما. لا شك أنها كانت تتمتع بجاذبية كبيرة، لكن حين اقتربت منه أكثر، تصور جون أن الجزء الأكبر من جمالها كان اصطناعيا. وقال في نفسه إنها ربما كانت تتزين بالمساحيق بطريقة بديعة، لكنها وعلى أي حال كانت تفرط في الزينة.
أما عن الأخرى، فلم يكن من خلاف بشأنها. كانت جميلة حقا، وما حازته من حسن وبهاء كان عطية إلهية وليس بمساعدة صانع المساحيق. وكانت هي من تحدثت أولا.
قالت المرأة في أعذب صوت سمعه: «سيد كراندال، لقد أتينا هنا معا لكي تختار من بيننا. فأيا منا ستختار؟»
قال كراندال وهو مندهش من هذا العرض المتبجح حتى إنه كاد يستيقظ من نومه: «يا إلهي، يا إلهي، ألا تعرفان بأنني متزوج؟»
صفحه نامشخص