وحشت و اعتماد به کار

ابن ابی الدنیا d. 281 AH
20

وحشت و اعتماد به کار

الوجل والتوثق بالعمل

پژوهشگر

مشهور حسن آل سلمان

ناشر

دار الوطن

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤١٨ - ١٩٩٧

محل انتشار

الرياض

بِنَفْسِكَ. قَالَ: أَلَيْسَ الْحَقُّ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنَ الْبَاطِلِ؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: فَمَا أُرِيدُ أَنْ أُقِيمَ إِلَّا أَيَّامًا حَتَّى أَرْجِعَ فَأَجُولَ جَوْلَةً أُصِيبُ فِيهَا أَضْعَافَ مَا قَدْ تَرَى. فَخَرَجَ فَغَابَ سَنَةً وَبَعْضَ أُخْرَى ثُمَّ قَدِمَ بَأَضْعَافِ مَا قَدِمَ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ مِنَ الْأَمْوَالِ، ثُمَّ قَالَ لِأَبِيهِ: كَيْفَ تَرَى؟ لَوْ أَنِّي أَطَعْتُكَ لَمْ أُصِبْ مِنْ هَذَا الْمَالُ شَيْئًا. قَالَ أَبُوهُ: يَا بُنَيَّ، أَرَاكَ تَعْمَلُ لِغَيْرِكَ، وَلَوَدِدْتُ أَنَّ هَذَا صُرِفَ عَنْكَ فِي سَلَامَةِ بَدَنِكَ، وَسَيُجَرِّعُكَ مَا تَرَى غُصَّةً، فَتَتَمَنَّى لَوْ كَانَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ هَذِهِ اللَّذَّةِ جِبَالُ الْمَشْرِقِ. قَالَ: يَا أَبَهْ، إِنَّمَا دَعَاكَ إِلَى هَذَا قَوْلُ الْمُنَجِّمِ، وَأَنَا أَرْجُو أَنْ يَكُونَ قَدْ أَصَابَ فِي الْغِنَى وَأَخْطَأَ فِي الْغَرَقِ. ثُمَّ أَمَرَ بِصَنْعَةِ سَفِينَةٍ أُخْرَى فَلَمْ يَقُمْ إِلَّا أَرْبَعِينَ لَيْلَةً حَتَّى أَجْمَعَ أَنْ يَرْكَبَ الْبَحْرَ. فَقَالَ لَهُ أَبُوهُ: أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ يَمْنَعُنِي مِنَ الْإِلْحَاحِ عَلَيْكَ فِي هَذِهِ الْمَرَّةِ إِلَّا مَا قَدْ يَكُونُ مِنْ مَعْصِيَتِكَ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى، فَقَدْ رَأَيْتُ أَشْيَاءَ صَدَّقَتْ عِنْدِي قَوْلَ الْمُنَجِّمِ، وَانْسَكَبَتْ عَيْنَاهُ بِالدُّمُوعِ، فَرَّقَ لِذَلِكَ ابْنُهُ. وَقَالَ: يَا أَبَهْ، جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ، اصْبِرْ لِي مَرَّتَكَ هَذِهِ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ رَدَّنِي اللَّهُ سَالِمًا لَا رَكِبْتُ بَحْرًا مَا عِشْتُ. قَالَ الشَّيْخُ: يَا بُنَيَّ، الْيَوْمَ وَاللَّهِ أَيْقَنْتُ بِفَقْدِكَ، وَاللَّهِ لَا تَرْجِعُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ حَتَّى تَرْجِعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا. ثُمَّ تَلَهَّفَ عَلَيْهِ وَبَكَى إِلَيْهِ، وَنَاشَدَهُ اللَّهَ، فَلَمْ يَسْمَعْ مَقَالَةَ أَبِيهِ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ أَنْ خَرَجَ فِي سِفَينَتَيْنِ قَدْ شَحَنَهُمَا تِجَارَةً، فَلَمَّا تَوَسَّطَ الْبَحْرَ أَصَابَهُ مَوْجٌ شَدِيدٌ، فَأَصَابَتْ إِحْدَى سَفِينَتَيْهِ الْأُخْرَى فَانْصَدَعَتَا فَغَرِقَتَا، فَذَكَرَ التَّاجِرُ وَهُوَ يَسْبَحُ مَقَالَةَ

1 / 45