وحشت و اعتماد به کار

ابن ابی الدنیا d. 281 AH
17

وحشت و اعتماد به کار

الوجل والتوثق بالعمل

پژوهشگر

مشهور حسن آل سلمان

ناشر

دار الوطن

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤١٨ - ١٩٩٧

محل انتشار

الرياض

قَالَ أَنْطُونِسُ: زَعَمُوا أَنَّهُ كَانَ رَجُلٌ لَهُ كَرْمٌ وَاسِعٌ، كَثِيرُ الْعِنَبِ، مُتَّصِلُ الشَّجَرِ، مُثْمِرٌ، فَاسْتَأْجَرَ لِكَسْحِ الْكَرْمِ وَحِفْظِهِ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ، وَوَكَّلَ كُلَّ رَجُلٍ مِنْهُمْ بِنَاحِيَةٍ مَعْلُومَةٍ، وَأَمَرَهُ بِحِفْظِ نَاحِيَتِهِ وَكَسْحِهَا، وَقَالَ لَهُمْ: كُلُوا مِنَ الْعِنَبِ مَا شِئْتُمْ، وَكُفُّوا عَنْ هَذِهِ الثِّمَارِ فَلَا تَقْرَبُوهَا فَتَحِلَّ بِكُمْ عُقُوبَتِي، وَاعْلَمُوا أَنِّي مُتَفَقِّدٌ عَمَلَكُمْ وَنَاظِرٌ فِيهِ، فَإِيَّاكُمْ وَالتَّعَدِّيَ لِمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ، فَتُوجِبُونَ عَلَى أَنْفُسِكُمُ الْعُقُوبَةَ. فَأَقْبَلَ أَحَدُهُمْ عَلَى حِفْظِ مَا أُمِرَ بِهِ مِنَ الْكَرْمِ وَكَسْحِهِ وَنَزْعِ الْعُشْبِ مِنْهُ، وَقَنَعَ بِأَكْلِ الْعِنَبِ، وَكَفَّ عَنْ أَكْلِ الْفَاكِهَةِ الَّتِي نُهِيَ عَنْهَا. وَأَقْبَلَ الثَّانِي عَلَى مِثْلِ صَنِيعِ صَاحِبِهِ الْأَوَّلِ حِينًا، ثُمَّ تَاقَتْ نَفْسُهُ إِلَى أَكْلِ الثِّمَارِ فَتَنَاوَلَهَا. وَأَقْبَلَ الثَّالِثُ عَلَى أَكْلِ الثِّمَارِ، وَتَرَكَ الْعَمَلَ، فَضَاعَتْ نَاحِيَتُهُ وَفَسَدَتْ. وَقَدِمَ صَاحِبُ الْكَرْمِ لِيَنْظُرَ إِلَى كَرْمِهِ، وَيَتَفَقَّدَ مَا عَمِلَ أُجَرَاؤُهُ، فَبَدَأَ بِالنَّظَرِ فِي عَمَلِ الْأَوَّلِ فَرَأَى عَمَلًا حَسَنًا، وَتَوْقِيرًا، وَكَفًّا عَمَّا نَهَاهُ عَنْهُ، فَحَمِدَهُ وَأَعْطَاهُ فَوْقَ أَجْرِهِ، فَانْقَلَبَ رَاضِيًا، مُغْتَبِطًا، مَسْرُورًا. وَنَظَرَ فِي عَمَلِ الثَّانِي فَرَأَى عَمَلًا حَسَنًا، وَرَأَى فِي الثِّمَارِ فَسَادًا قَبِيحًا، فَقَالَ: مَا هَذَا الْفَسَادُ الَّذِي أَرَى؟ قَالَ: أَكَلْتُ مِنْ هَذِهِ الثِّمَارِ قَالَ: أَوَلَمْ أَنْهَكَ عَنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: بَلَى، وَلَكِنْ رَجَوْتُ عَفْوَكَ إِلَيَّ وَإِحْسَانَكَ قَالَ: ذَاكَ لَوْ لَمْ أَكُنْ تَقَدَّمْتُ إِلَيْكَ فِي الْكَفِّ عَنْ أَكْلِ الثِّمَارِ، وَلَكِنِّي لَسْتُ أَعْتَدِي عَلَيْكَ فِي الْعُقُوبَةِ إِلَّا بِمَا أَذْنَبْتَ. وَنَظَرَ فِي عَمَلِ الثَّالِثِ فَإِذَا هُوَ قَدْ أَضَاعَ الْكَرْمَ، وَأَكَلَ الثِّمَارَ، فَقَالَ لَهُ: وَيْحَكَ مَا هَذَا؟ قَالَ: هُوَ مَا تَرَى قَالَ: أَرَى عَمَلًا قَبِيحًا، وَفَسَادًا

1 / 42