فهل لي أن أسألك ما الذي كنت تنتظر من الدكتور زكي مبارك حين يتشرف بخدمة العراق؟ أكنت تنتظر أن أكون مدرسا لا يعرف غير إلقاء الدروس وتصحيح الكراريس؟ إن كان ذلك ما كنت تنتظر فاسمح لي أن أنشدك قول ابن الفارض:
إن كان منزلتي في الحب عندكم
ما قد رأيت فقد ضيعت أيامي
فأنا يا صديقي رجل يحملني الفتون على الظن بأن لي من حياتي غاية غير الغرض الضيق الذي يحبسني بين التلاميذ والكراريس، وقد حملني هذا الفتون على الظن بأن الحكومة العراقية لم تدعني لأكل بفضلها العيش، وإنما دعتني لما تعرف من عواطفي النبيلة نحو العراق، والعراق لا يخدمه رجل في مثل كسلك ويأسك، وإنما يخدمه رجل في مثل نشاطي وإيماني، وسأخدم العراق بعد فراق العراق، سأخدمه وأنا بعيد، وأخشى أن تخذله وأنت قريب.
ولا تؤاخذني في هذه الحدة، فأنا أريد أن أكسبك للعراق، فعندك وعند أمثالك عواطف غافيات أحب أن أوقظها لخدمة العراق.
فإن كان يسيئك أن أتعصب للعراق هذا التعصب، فأنا أدعوك إلى أن تتعصب لمصر مثل هذا التعصب، فالأمة العربية - ولا أقول الأمم العربية لئلا يغضب سعادة الأستاذ ساطع الحصري - الأمة العربية في شوق إلى أن يعطف بعض أعضائها على بعض.
ما الذي يضرك أيها الصديق من إسرافي في المقترحات لخدمة العراق؟
أحب أن أعرف ما الذي يضرك وأنا لا أجرح بمقترحاتي أحدا من الناس؟
اسمع أيها اليائس!
أنا اقترحت جائزة النحو في البصرة.
صفحه نامشخص