إليك ...
هيكل إدفو
شبان مصر
الكون والحياة
الدنيا الميتة
تبسم!
المغنم المجهول
إليك ...
هيكل إدفو
شبان مصر
صفحه نامشخص
الكون والحياة
الدنيا الميتة
تبسم!
المغنم المجهول
وهج الظهيرة
وهج الظهيرة
تأليف
عباس محمود العقاد
إليك ...
إليك إهداء أطرابي وأشجاني
صفحه نامشخص
لو كنت تعلم إسراري وإعلاني
شعر لحسنك فيه كل قافية
وما تضمن إلا بعض وجداني
يهدى إليك ولم تفطن لدعوته
كأنما هو قربان لأوثان
ولو صمدت بتسبيحي إلى وثن
إذن لأثلج صدري صدق إيماني
وخفف النار: نار الوجد عن كبدي
علمي بأنك لم تجهل بقرباني
لكن جهلت مناجاتي فوا جذلي
صفحه نامشخص
لو فزت منك، على علم، بحرمان
يا من هو الناس في عيني وإن كثروا
إني أخص بشعري كل إنسان
أهدي إلى الناس ما أعنيك أنت به
فاقبل، فإنك بعض الناس ديواني
هيكل إدفو
الكون لا حد له في زمان ولا مكان ولا قوة، والإنسان محدود في زمانه ومكانه وقوته؛ أيامه معدودة وحواسه مقيدة، ومداركه على قدر أيامه وحواسه، والعلاقة بين هذين الكونين: الكبير الذي لا نهاية له والصغير المحدود في كل جهة من جهاته هي الدين. فما دام الإنسان يشعر بقوة أكبر من قوته المخذولة ولا يشعر بها على تمامها، وما دام يدرك أبدية الزمان والمكان التي يغرق فيها وجوده الضيق ولا يدركها على جليتها، وما دام هو أكبر من أن يجهل علاقة ما بينه وبين هذا الكون، وأصغر من أن يعلم كل علاقة، فهو مؤمن متدين علم ذلك أو لم يعلم:
الدين باق ما جهلنا سره
ولنبقين بسره جهالا
ظهر الدين في كل أمة وفي كل قبيلة كما ظهر الطعام؛ لأن النفس تطلب الإيمان كما يطلب الجسد الغذاء، فاتخذ الناس في الهمجية وفي المدنية أربابا ومعبودات جسموا فيها شعورهم المبهم باللانهاية، وتمثلوا فيها القوة التي لم يستطيعوا أن يجهلوها ولا يستطيعون أن يعلموها، وبنوا الهياكل على الأرض فكان كل هيكل وضعوه لأربابهم تمثالا صغيرا للكون الكبير، تدخله فتبادرك روعته كما تبادرك روعة العظيم وأنت واقف أمام تمثاله. وقد حذق أجدادنا وسابقونا في وادي النيل صناعة هذه التماثيل: تماثيل الكون، فرفعوها ضخمة مكينة ترى في ضخامتها معنى الخلود، وغشوا باطنها بالظلام الدامس فعكسوا على جدرانها ظلام الغيب المجهول، وأحاطوها بالرموز والأسرار، فقال قوم: ذلك علم لا نعلمه، وقال آخرون: بل مفاتيح لما تحتها من الكنوز!
صفحه نامشخص
ولا عجب! أليس في الناس اليوم من يحسب أن رموز الكون الكبير وأسراره إن هي إلا آلات لاختراع البواخر والطواحين وقنص الدراهم والدنانير؟ أليس منا من يزعم أنه ذلل نواميس الطبيعة وقبض على مقاليد الخليقة لأنه يدير للريح شراعه ويجر النور إلى أسلاكه؟! فما الفرق إذن بين هؤلاء الفلاسفة الأعلام وبين الزارع المصري الجاهل المسكين؟ الفرق بينهما أن هذا الزارع يصغر من قدر هيكل لا يجله لأنه لم يؤمن به، ولكنه يؤمن بهيكل آخر يجله ويخشع له، وأما هؤلاء الفلاسفة فيصغرون من قدر الكون وليس لهم كون آخر يجلونه ويخشعون بين يديه!
يقول العلم الحديث: «قد عرفت أسرار الحياة وكشفت حجب الغيب التي خنع لها الهمج الأغبياء.» فليسمع أولئك الأغبياء في قبورهم وليحذروا أن يضحكوا! العلم الحديث قد علم في مائة سنة أسرار الأبد والأزل! اسمعوا أيها الأغبياء في قبوركم وإياكم أن تضحكوا، بروتس يقول ذلك، وبروتس كما تعرفون رجل صادق مجيد.
ويقول العلماء: «لا تؤمنوا بعد اليوم بشيء، فقد عرفتم كيف كان القدماء يؤمنون بالباطل. أما كانوا يؤمنون بالأشجار والأنهار والقطط والثيران والخنافس؟!» فمتى يقول لنا العلماء: «لا تأكلوا بعد اليوم، فقد رأيتم كيف كان القدماء يأكل بعضهم بعضا، وكيف كانوا يزدردون اللحوم النيئة وأوراق الشجر الخضراء!» إنهم لن يقولوا ذلك لأن المعدة تعرفهم كيف يشعرون بها إذا تجاهلوها، ولكن أي شيء يجعل قلوبهم تشعر بنفسها إذا كانت لا تشعر؟
وليس المتدينون الساخرون بأديان القدماء بأقل حمقا وجهلا من الكافرين الساخرين بالأديان جمعاء؛ فإننا لنجد في بعض أديان الأقدمين حكمة نتفقدها في كثير من الأديان الحديثة فلا نجدها؛ لأن أديان الأقدمين نشأت قبل أن تصبح الأخلاق المتخيرة علما يدور على المباحث الذهنية والفلسفة الكلامية، فاستحبوا من الأخلاق والعادات ما هو مستحب بالفطرة، ولم يشغلوا أذهانهم بالتماس وجوه الخطأ فيما نبذوه من هذه الأخلاق والعادات. وأذكر أنني ذهبت مرة إلى هيكل «أنس الوجود» ومعي رجل تربى تربية دينية ولكنه يجهل حكمة دينه، فسأل عن صورة بطليموس وهو يجلد أعداءه، فلما أجبته قال: أما كان أولى بهياكل العبادة أن تنزه عن مثل هذه الصورة؟ قلت: ولم؟ أكنت تريده على أن يعبد ربا لا يرضيه أن ينتصر على أعدائه؟ إن مشيئة الوجود تقضي بأن تتغلب طائفة من الناس على طائفة، فأي عجب في أن يسر المتغلبون بغلبهم أو يشكروا عليه ربهم الذي يمثلون فيه تلك المشيئة؟ وإذا هم لم يشكروه في المعبد فأين يشكرونه؟ على أنه لا يتفق أن يعتقد الإنسان جد الاعتقاد أنه على الحق والصواب ثم يعتقد أن انتصاره على أعدائه ظلم لا يرضي ربه، فلا بد من إحدى اثنتين: إما عقيدة وعصبية، أو لا عقيدة ولا عصبية، والأمم الحية لا تتردد في الاختيار بين هاتين الحالتين، وهذا ما أردته بقولي:
لا تعبدن إذا أردت سيادة
ربا يعين الصيد والأنذالا •••
دار البطالسة الكرام جلالا
زالوا وهذا مجدهم ما زالا
هاتي امنحينا من خلودك نفحة
فنقول فيك من الخلود مقالا
صفحه نامشخص
واستفتحي باب الرموز تمدنا
بالسحر لفظا صادقا وخيالا
إني وقفت لديك أرفع أخمصي
حذرا وأخفض ناظري إجلالا
فحنيت رأسا في وصيدك
1
ما انحنى
من قبل إلا للإله تعالى
وذكرت قوما فيك لم يتهيبوا
إلا عروشا ضخمة وظلالا
صفحه نامشخص
والغيب أحلك من ظلالك ظلمة
أبدا، وأبعد من ذراك منالا
خلعوا - ولا عجب - عليك سماته
أولست أنت للغزه تمثالا؟
لو لم يرعنا للمهيمن هيكل
باق يجد بقاؤه الأحوالا
أخفى سرائره وأطلع فوقه
نورا يزيد التائهين ضلالا
ما شيد البانون ركن عبادة
كلا ولا شدوا إليه رحالا
صفحه نامشخص
الدين باق ما جهلنا سره
ولنبقين بسره جهالا •••
عفت المناسك في ذراك فجددي
نسكا من الشعر الشريف حلالا
قد كنت بالوحي الكريم كريمة
حتى بخلت فما أجبت سؤالا
إلا رسوما في الرسوم نواطقا
بالنصر أبلج والفتوح توالى
رفعت لبطليموس يبسط فوقها
كفا تحوك من الرءوس حبالا
صفحه نامشخص
2
يطأ الملوك كأنما تيجانها
أرض وما يخشى لها زلزالا
وترى الجموع وهم ركوع تحته
قصروا من الخوف الذريع وطالا
شأن الأنام قديمهم وحديثهم
من عز فيهم بالسيادة صالا
والملك مغلوب عليه مالك
متعفف لا يغلب الأقيالا
3 •••
صفحه نامشخص
يا دار بطليموس حسبك رفعة
وصيانة بين البنى وجمالا
حرص الزمان عليك وهو موكل
بالشامخات يحيلها أطلالا
أبقاك في فك الزمان مصونة
جيلان يبنيك الملوك وصالا
4
لم يبصروا بك موضعا لزيادة
إلا وزادوه علا وكمالا
غدروا ذوي القربى ودكوا دورهم
صفحه نامشخص
وتلاحقوا عما إليك وخالا
واستنزلوا الأرباب فيك ليشهدوا
بين العباد تواثبا ونزالا!
وضعوك أم رفعوك لما صوروا
فيك السلاح أسنة ونبالا
وتقحموا الحرم الجليل أم ابتغوا
زلفى لديه وقوة ونوالا؟
ضل الذين تطاولوا فتوهموا
أن الأوائل دونهم أفعالا
حسبوا المعابد أرضها وسماءها
صفحه نامشخص
كونين عن حكم الطبيعة حالا
5
هبطت من الملأ العلي فأصبحت
فيها الذئاب الضاريات سخالا
ننسى العداوة والصداقة والهوى
فيها وننسى الخوف والآمالا
كذبوا فما تغني الأنام عبادة
تذر القلوب فوارغا أغفالا
لا رب إلا من يمالئ شعبه
عند الكريهة إن جفا أو مالا
صفحه نامشخص
لا تعبدن إذا أردت سيادة
ربا يعين الصيد والأنذالا
واعبد إلها يصطفيك بعونه
ويذيق خصمك ذلة ونكالا
من ظن أن ولاته كعداته
عند الإله، فكيف يسعد حالا؟ •••
الناس يغتال القوي ضعيفهم
والدهر يغتال الفتى المغتالا
قهار كل القاهرين تقاصرت
عنه مكائد من طغى واحتالا
صفحه نامشخص
ذهبوا فما هوت الكواكب بعدهم
أسفا وما نقص الثرى مثقالا
ملك الفراعنة الحماة وخلفوا
للملك أعلاما بمصر طوالا
وخلا الأكاسرة البغاة كأنهم
عبروا بمدرجة الزمان رمالا
ومضى البطالسة الكماة وهذه
مصر يزيد شبابها إقبالا
تتقوض الأوطان وهي كدأبها
من عهد نوح تربة ورجالا
صفحه نامشخص
عهد على الله القدير وذمة
ألا تضيم لها الكوارث آلا
فتجنبوا فيها القنوط وأجزلوا
قسط البنين معارفا وخصالا
إنا لنرجوها ونوقن أنه
ما كان يوما لا يكون محالا
وستستقل فلا تقولوا إنها
صمد الهوان بها فلا استقلالا
بعد عام
كاد يمضي العام يا حلو التثني
صفحه نامشخص
أو تولى
ما اقتربنا منك إلا بالتمني
ليس إلا •••
مذ عرفناك عرفنا كل حسن
وعذاب
لهب في القلب، فردوس لعيني
في اقترابي •••
غير أنا لا نرى الفردوس إلا
رسم راسم
وشربنا من جحيم الحب مهلا
صفحه نامشخص
شرب هائم •••
لا تلمني أن قلبي خانني
أو عشقتك
لم يكن مني إلا أنني
قد رأيتك •••
كان في الدنيا جمال لا يعد
ثم لحتا
فعددنا الحسن طرا فهو فرد
وهو أنتا •••
أين حسن كان يجلوه النهار
صفحه نامشخص
هل لبسته؟
هل ورثت الصبح والصبح منار
أم قتلته؟ •••
تتهادى ويح قلبي في خطاك
لست تدري
لست تدري أي نار إذ أراك
ضمن صدري •••
ضاحكا يفتر نور البشر عنكا
كيف تعلم
أن قلبا دون قيد الرمح منكا
صفحه نامشخص
قد تحطم؟ •••
زده داء لا شفى الله جواه
كم أساء
من دعاه للتصابي من دعاه؟
زده داء! •••
أو فحسب القلب ما طم وأربى
لا تبده
قد دعاه الله للحب فلبى
لا تزده •••
نحن قوم يا حبيبي قد خلقنا
صفحه نامشخص
للجمال
إن أجاد الله في الخلق أجدنا
في المقال •••
صاغنا الله لشدو وغناء
حيث كنا
ونهانا عن جمود وجفاء
فانتهينا •••
قال غنوا وصفوا خلقي البديع
في القصيد
واطلبوا أجركم عند الربيع
صفحه نامشخص