واحد فی سلوک

ابن نوح قوصی d. 704 AH
68

واحد فی سلوک

ژانرها

============================================================

الوحيد في سلوك أهل التوحيد للكلمة كالواحدة لا يقع بينهما تخلل ذهني، يأخذ منه الشيطان نصيبه، فإنه في مثل هذا الموطن بالمرصاد، لعلمه بضعف السالك عن سلوك هذه الأودية لبعده عن عادته، لا سيما إذا كان قريب عهد بالسلوك وفراق العوائد ما لم يجد على ذلك مساعدا ودليلأ وقائدا، وهو بحسب ما يلائمه في سلوكه من الذكر إن قال: لا إله إلا الله أو قال: سبحان الله أو قال: الحمد لله أو قال: الله الله.

والأصل في ذلك جمع القلب بكليته على الله تعالى ورفع الشواغل عن القلب والاضطرار إليه فهذا هو الذكر وهذه هى الصلاة وهذا هو الدعاء، وقد قيل: ذكرتكموا لا أن قلبي نسيكموا وأيسر ما في الذكر ذكر لساني أحوال الذاكرين العارفين وأما الخلوات القلبية، فبحسب السالكين، وما يراه السالك بالمعنى، والخلوات الحسية مشهورة معروفة وهو أن يكون طول القامة في الطول وقدر الجلسة في العرض ولا تكون فيها كوة أصلا، لأن الخشية من الكوة استراق البصر النور فتقع التفرقة بالمبصرات والظلمة فيها جمعية.

والقصد الجمعية بالقلب وألا يكون في شيء خارج عنه وتوالي الذكر كما قدمناه من غير تخلل لا إله إلا الله ولا إله إلا الله، وكذلك ما بين قوله الله الله وهذا أسرع فتكا للقلب وقربا من الرب ع، وهو أن يذكر بلسانه ويوالي الذكر إلى أن يشارك القلب اللسان ويخرق نور القلب السموات والشيطان فحينئذ يقوى نور القلب ويستولي ذكره فيضعف ذكر اللسان عند ذلك وتمتلي الجوارح والجوانح بالنور ويتطهر القلب من الأغيار، وينقطع الوسواس، ولا يسكن بساحته الخناس، ويصير محلا للواردات، ومرآة صقيلة للتجليات والمعارف الإلهيات.

ومنهم من يكون سلوكه على غير هذا المنهاج، فإن طرقهم إلى الله تعالى بحسب عدد نفوسهم وأنفاسهم، وتعرفات الله تعالى إليهم غير محصورة ولا معقولة ولا معلومة، ومنهم من يكون ذكره آية من كتاب الله تعالى كآية الكرسي، ومنهم من يكون خلوته قل هو الله أحد.

صفحه ۶۸