============================================================
286 الوحيد في سلوك أهل التوحيد المرآة، وهذه هي حقيقة التقابلات.
الغطاء يكشف في الدار الآخرة كشفا كليا ويكون الحكم الغالب لصورة المعاني والأرواح، فكما أتك ظاهر هنا بجسمك وباطن بروحك فهناك ظاهر بروحك وباطن بجسمك، وكما أن الؤوح والجحسم هنا يشتركان في الأعمال والأقوال، فهناك كذلك
يشتركان في النعيم أو الجحيم، وإنما كشف الغطاء في دار الحياة والبقاء يعطي ظهور المعنى، فتكون القوة في الظهور لما كان خفيا حتى يصير حيا جليا، ويظهر الباطن ويبطن الظاهر، ويستويان في الحال، ويجتمع الماضي والاستقبال، وتعتدل البواطن والظواهر، وتحتمع الأوائل والأواخر، وترتفع الأغيار، وتظهر حياة الأطوار، ويضمل الليل والنهار.
حال الإخوان ولما كان للأولياء نصيب تحقق من تلك الدار ظهرت عليهم آثارها في هذه الدار، قال الله تعالى: لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرق [يونس: 64].
فمن ذلك ما يظهر على آيديهم والسنتهم من الكرامات، وما يدو لأبصارهم وأسماعهم من المخاطبات، وكك ذلك وإن كان هنا خرقا للعوائد فهو من تلك الدار عادة لهم في جميع أحوالهم وحركاتهم وسكناهم، فمن ذلك حال الإخوان.
حكى لي الشيخ عبد العزيز رحمه الله تعالى، أنه كان حاضرا مع الفقراء، وكان بينهم فقيران متآخيان في الله تعالى، أحدهما راح يغسل ثياب الفقراء وبقي الآخر حاضرا.
فلما حضر الغداء جعل الفقراء يأكلون ويلقمون الفقير، فقال لهم: أمسكوا عني، فما بقي أخي يحتمل لقمة واحدة.
قال: فبينما نحن كذلك إذ دخل أخوه ومعه ثياب الفقراء، فالتفت إلى أخيه وقال له: لو اكلت لقمة واحدة قتلتنيء. فانظر إلى هذا الحال:.
وذكر عنهما مرة أخرى أن أحدهما كان غائبا والآخر حاضرا، فشكا الحاضر ألما في جنبه فقال: أبصروا آخى، فراحوا فوجدوه نائما وطوبة تحت جنبه.
والحكايات في هذا الباب كثيرة.
صفحه ۲۰۸