كثيرة في سنين عديدة (١)، وغلق على خاطري بعضه فصرت إذا احتجت إلى معاودة شيء منه لا أصل إليه إلا بعد التعب في استخراجه، لكونه غير مرتب، فاضطررت إلى ترتيبه، فرأيت على حروف المعجم أيسر منه على السنين، فعدلت إليه، والتزمت فيه تقديم من كان أول اسمه الهمزة، ثم من كان ثاني حرف من اسمه الهمزة أو ما هو أقرب إليها، على غيره، فقدمت إبراهيم على أحمد لأن الباء أقرب إلى الهمزة من الحاء، وكذلك فعلت إلى آخره، ليكون أسهل للتناول (٢)، وإن كان هذا (٣) يفضي إلى تأخير المتقدم وتقديم المتأخر في العصر (٤) وإدخال من ليس من الجنس بين المتجانسين، لكن هذه المصلحة أحوجت إليه (٥) .
ولم أذكر في هذا المختصر أحدًا من الصحابة رضوان الله عليهم، ولا من التابعين ﵃، إلا جماعة يسيرة تدعو حاجة كثير من الناس إلى معرفة أحوالهم، وكذلك الخلفاء: ولم أذكر أحدًا منهم اكتفاء بالمصنفات الكثيرة في هذا الباب، لكن ذكرت جماعة من الأفاضل الذين شاهدتهم ونقلت عنهم، أو كانوا في زمني ولم أرهم، ليطلع على حالهم من يأتي بعدي.
ولم اقصر هذا المختصر على طائفة مخصوصة مثل العلماء أو الملوك أو الأمراء أو الوزراء أو الشعراء، بل كل من له شهرة بين الناس ويقع السؤال عنه ذكرته وأتيت من أحواله بما وفقت عليه، مع الإيجاز كيلا يطول الكتاب، أثبت وفاته ومولده إن قدرت عليه، ورفعت نسبه على ما ظفرت به، وقيدت من الألفاظ ما لا يؤمن تصحيفه، وذكرت من محاسن كل شخص ما يليق به من مكرمة أو نادرة أو شعر أو رسالة ليتفكه به متأمله ولا يراه مقصورًا على أسلوب واحد فيمليه، والدواعي إنما تنبعث لتصفح الكتاب إذا كان مفننًا.
_________
(١) أ: كثيرة.
(٢) هذه رواية أد، وفي النسخ الأخرى: إلى التناول.
(٣) ب ج هـ: ذلك.
(٤) د: في بعض العصر.
(٥) د: تدعو إليه.
1 / 2