...ومن ذلك ما يقع في صلاة التراويح في شهر رمضان بسبب تعدد الجماعة وفعلها معا من الاشتباه على المؤمنين بحيث لا يعرف بعضهم حركات إمامه من حركات الإمام الآخر وتشتت بالقلب بسماع كل واحد صوت مبلغ الإمام الآخر.... وما أقبح الابتداع بتلك الحجرة الشريفة وإذا كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد جمع الناس فيها على إمام واحد مع كثرتهم وضيق المسجد وأجمع على ذلك من بعده فكيف نفرقهم نحن في زماننا مع سعة المسجد وقلتهم وقد تكلمنا في الأصل على هذا التعدد وابتداء حدوثه وكيفيته وأنه سرى إلى تلك الحجرة الشريفة من مكة المشرفة وأما ما يفعل بمكة من التعداد وفعل بعد الصلوات جماعات معا وإكثار التعدد في صلاة التراويح فمن المنكرات المستبشعة على ما بينا في الأصل والله أعلم.
ومن ذلك ما عمت به البلوى من تأبيد السجاجيد في المصليات بالروضة الشريفة لا سيما في شهر رمضان ويستديمون ذلك فيما بين الصلوات ويمضون إلى بيوتهم فيأتي من يرغب في الصف الأول فيجده خاليا من الناس مشغولا بالمصليات وربما حضرت الصلاة ولم يأت بعضهم ويقع بمكة المشرفة نحو ذلك وهو من المنكرات كما نبه عليه جماعة من المتكلمين على المسجد الشريف وقد جوزنا حكم السبق إلى المسجد وبسط المصلي في الأصل ومحصله أن الحق في السبق لبعض بقاع المسجد إنما يثبت لمن حضر إليه وجلس فيه فإذا جلس لانتظار صلاة لم يضر أحق بذلك في غيرها ومتى فارق بغير حاجة بطل اختصاصه سواء خرج بنية العود أو لا وسواء ترك زاده في هذه الحالة كان متحجرا لما لا يستحقه ويجوز لغيره تنحيته والجلوس مكانه قالوا: فمن بعث إلى المسجد ففرش له قال في (الروضة) ويجوز أن يبعث من يأخذ له موضعا فإذا جاء تنحى المبعوث ولو فرش لرجل ثوب جاء آخر لم يجز أن يجلس عليه وله أن ينحيه ويجلس مكانه قال في (البيان): ولا يرفعه لئلا يدخل في ضمانه.
صفحه ۱۶۳