وفای به احوال مصطفی

ابن الجوزی d. 597 AH
162

وفای به احوال مصطفی

الوفا بأحوال المصطفى

پژوهشگر

مصطفى عبد القادر عطا

ناشر

دار الكتب العلمية

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

1408هـ-1988م

محل انتشار

بيروت / لبنان

عن محمد بن جبير بن مطعم قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موت أبي طالب إلى الطائف ومعه زيد بن حارثة ، وذلك في ليال ( بقين ) من شوال سنة عشر . | قال محمد بن عمر ، بغير هذا الإسناد : فأقام بالطائف عشرة أيام . وقال غيره : شهرا . لا يدع أحدا من أشرافهم إلا جاءه وكلمه . | فلم يجيبوه وخافوا على أحداثهم ، فقالوا : يا محمد ، اخرج من بلدنا والحق بمحابك من الأرض . | وأغروا به سفهاءهم فجعلوا يرجمونه بالحجارة ، حتى إن رجليه لتدميان ، وزيد بن حارثة يقيه بنفسه ، حتى لقد شج في رأسه شجاجا . | فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة وهو محزون . | فلما نزل نخلة قام يصلي من الليل ، فانصرف إليه سبعة نفر من الجن أهل نصيبين فاستمعوا ، فأقام بنخلة أياما ثم أراد الدخول . | فقال له زيد : وكيف تدخل عليهم وهم قد أخرجوك . فأخرج رجلا من خزاعة إلى مطعم ابن عدي : أدخل في جوارك ؟ | قال : نعم . | وقال محمد بن كعب القرظي : لما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف عمد إلى نفر من ثقيف ، هم سادة ثقيف وأشرافهم يومئذ ، وهم إخوة ثلاثة عبد ياليل ، ومسعود ، وحبيب ، أولاد عمرو بن عمير ، فجلس إليهم فدعاهم إلى الله تعالى وكلمهم بما جاء له من نصرته على الإسلام والقيام معه على من خالفه من قومه . | فقال أحدهم : هو يمرط ثياب الكعبة إن كان الله أرسلك . | وقال الآخر : أما وجد الله رسولا يرسله غيرك | وقال الثالث : والله لا أكلمك أبدا ، إن كنت رسولا كما تقول لأنت أعظم خطرا من أن أرد عليك الكلام ، وإن كنت تكذب على الله ما ينبغي لي أن أكلمك . | فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من عندهم وقد يئس من خير ثقيف ، وأغروا به سفهاءهم وعبيدهم يسبونه ويصيحون به ، حتى اجتمعت عليه الناس ، وألجؤوه إلى حائط لعتبة بن ربيعة ( وشيبة بن ربيعة ) وهما فيه ، ورجع عنه من سفهاء ثقيف من كان يتبعه . | فعمد إلى حبلة من عنب فجلس في ظلها ، وابنا ربيعة ينظران إليه ، ويريان ما لقي من سفهاء ثقيف ، | فلما اطمأن قال ، فيما ذكر لي : ( اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس ) . | يا أرحم الراحمين ، أنت رب المستضعفين ، وأنت ربي ، إلى من تكلني ؟ إلى بعيد يتجهمني أو إلى عدو ملكته أمري ، وإن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي ، ولكن عافيتك هي أوسع لي أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت به الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك ، أو تحل علي سخطك ، لك العتبى حتى ترضى ، لا حول ولا قوة إلا بك ) . | فلما رأى ابنا ربيعة عتبة وشيبة ما لقي ، دعوا غلاما لهما نصرانيا يقال له عداس فقالا له : خذ قطفا من هذا العنب فضعه في ذلك الطبق ، ثم اذهب به إلى ذلك الرجل فقل له يأكل منه . | ففعل ثم أقبل به حتى وضعه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده قال : ( بسم الله ) . ثم أكل . | فنظر عداس إلى وجهه ، ثم قال : والله إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلد . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ومن أي البلاد أنت وما دينك ؟ ) . | قال : أنا نصراني ، وأنا رجل من أهل نينوى . | فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من قرية الرجل الصالح يونس بن متى ؟ ) . | قال له : وما يدريك ما يونس بن متى ؟ | قال : ( ذاك أخي كان نبيا وأنا نبي ) . | فأكب عداس على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبل رأسه ويديه ورجليه . | قال : يقول ابنا ربيعة أحدهما لصاحبه : أما غلامك فقد أفسده عليك . | فلما جاءهما عداس قالا له : ويلك يا عداس ، ما لك تقبل رأس هذا الرجل ويديه وقدميه ؟ | قال : يا سيدي ، ما في الأرض خير من هذا الرجل لقد أخبرني بأمر لا يعلمه إلا نبي .

صفحه ۲۱۶