وفای به احوال مصطفی

ابن الجوزی d. 597 AH
147

وفای به احوال مصطفی

الوفا بأحوال المصطفى

پژوهشگر

مصطفى عبد القادر عطا

ناشر

دار الكتب العلمية

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

1408هـ-1988م

محل انتشار

بيروت / لبنان

قريش وكتبوا كتابا تعاقدوا فيه ألا ينكحوا إلى بني هاشم وبني المطلب ولا ينكحوهم ، ولا يبيعوهم ولا يبتاعوا منهم . | وكان ذلك في سنة سبع من النبوة . | وعلقوا ذلك الكتاب في جوف الكعبة توكيدا للأمر . | فلما فعلوا ذلك انحاز بنو هاشم ، وبنو المطلب إلى أبي طالب فدخلوا عليه في شعبه ، وخرج منهم أبو لهب وظاهر المشركين . | فأقاموا على ذلك ثلاث سنين وقطعوا الميرة والمادة عنهم ، فكانوا لا يخرجون إلا من موسم إلى موسم ، حتى بلغهم الجهد . | وكان هشام بن عمرو بن ربيعة يدخل إليهم أحمال طعام ويكتم ذلك . | ثم نقض حكم الصحيفة المكتوبة ، وفي سبب نقضه قولان : | أحدهما : أن الله تعالى أطلع نبيه صلى الله عليه وسلم على أمر صحيفتهم ، وأن الأرضة قد أكلت ما كان فيها من جور وظلم ، وبقي ما كان من ذكر الله ، فذكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي طالب ، فقال أبو طالب : أحق ما تخبرني به يا بن أخي ؟ | قال : نعم والله يا عم . | فذكر ذلك أبو طالب لأخويه ، وقال : والله ما كذبني قط . | قالوا : فما ترى ؟ | قال : أرى أن تلبسوا أحسن ثيابكم وتخرجوا إلى قريش فنذكر لهم ذلك من قبل أن يبلغهم الخبر . | فخرجوا حتى دخلوا المسجد ، فقال أبو طالب : إنا قد جئنا في أمر فأجيبوا فيه ، قالوا : مرحبا بكم وأهلا . | قال : إن ابن أخي قد أخبرني ولم يكذبني قط أن الله تعالى سلط على صحيفتكم الأرضة فلحست كل ما كان فيها من جور أو ظلم أو قطيعة رحم ، وبقي فيها كل ما ذكر به الله تعالى ، فإن كان ابن أخي صادقا نزعتم عن سوء رأيكم ، وإن كان كاذبا دفعته إليكم فقتلتموه أو استحييتموه إن شئتم . | قالوا : قد أنصفتنا . | فأرسلوا إلى الصحيفة ، فلما فتحوها إذا هي كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسقط في أيدي القوم ، ثم نكسوا على رؤوسهم ، فقال أبو طالب : هل تبين لكم أنكم أولى بالظلم والقطيعة . | فلم يراجعه أحد منهم . ثم انصرفوا . | رواه محمد بن سعد عن أشياخ له . | والثاني : أن هشام بن عمرو بن الحارث العمري مشى إلى زهير بن أبي أمية بن المغيرة ، فقال : يا زهير أرضيت أن تأكل الطعام وتلبس الثياب وتنكح النساء ، وأخوالك حيث قد علمت لا يبتاعون ولا يبتاع منهم ، ولا ينكحون ولا ينكح إليهم أما إني أحلف بالله لو كان أخوال أبي الحكم بن هشام ، ثم دعوته إلى مثل ما دعاك إليه منهم ما أجابك إليه أبدا . | قال : ويحك يا هشام ، فماذا أصنع ؟ إنما أنا رجل واحد ، والله لو كان معي آخر لقمت في نقضها . | قال : قد وجدت رجلا . | قال : من هو ؟ | قال : أنا . | قال : ابغنا ثالثا . | فذهب إلى المطعم بن عدي ، فقال له : يا مطعم ، أرضيت أن تهلك بطنان من بني عبد مناف ، وأنت موافق لقريش في ذلك | قال : ويحك ماذا أصنع ؟ إنما أنا رجل واحد . | قال : قد وجدت ثالثا . | قال : من هو ؟ | قال : زهير بن أمية . | قال : ابغنا رابعا . | فذهب إلى أبي البختري بن هشام فقال له نحوا مما قال للمطعم بن عدي ، فقال : وهل من أحد يعين على هذا ؟ | قال : نعم ، زهير ، والمطعم ، وأنا معك . | قال : ابغنا خامسا . | فذهب إلى زمعة بن الأسود فكلمه . فقال : وهل على هذا الأمر أحد ؟ | قال : نعم . فسمى له القوم . | فاتعدوا واجتمعوا ، وتعاهدوا على القيام في الصحيفة حتى ينقضوها . | فغدا زهير فطاف ثم قال : يا أهل مكة ، إنا نأكل الطعام ، ونشرب الشراب ، ونلبس الثياب ، وبنو هاشم هلكى ، والله لا أقعد حتى تشق هذه الصحيفة الظالمة القاطعة . | فقال أبو جهل : كذبت والله لا تشق . | فقال زمعة : أنت والله أكذب ، ما رضينا كتابتها حين كتبت . | فقال أبو البختري : صدق زمعة ، لا نرضى ما كتب فيها ولا نقر به . | فقال : المطعم : صدقتما وكذب من قال غير ذلك ، نبرأ إلى الله منها ومما كتب فيها . | وقال هشام بن عمرو نحوا من ذلك . | فقال أبو جهل : هذا أمر قضي بليل وتشوور فيه بغير هذا المكان . | فقام مطعم إلى الصحيفة ليشقها فوجد الأرضة قد أكلتها إلا ما كان من ( باسمك اللهم ) . | وكان كاتبها منصور بن عكرمة بن هاشم فشلت يده .

صفحه ۲۰۰