[كتاب الواضحة في السنن]
بسم الله الرحمن الرحيم
رغائب الوضوء والغسل
[1 ب] 1 - قال عبد الملك بن حبيب حدثني هارون الطلحي عن الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء ابن يسار عن ابن عباس قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا توضأ المؤمن فمضمض واستنشق حط الله عنه ما تكلم بفيه فإذا غسل وجهه حط الله عنا ما أبصرته عيناه، فإذا غسل ذراعيه حط الله عنه ما بطشت به يداه، فانحدرت ذنوبه من أنامله، فإذا مسح أذنيه، حط الله عنه ما سمعت أذناه، فإذا غسل رجليه حط اله عنه ما مشت به رجلاه، فانحدرت ذنوبه من أظفار رجليه.
2 - قال: وحدثني مطرف عن مالك عن - بهيل بن أبي صالح عن أبيه [60] [61] عن ابي هريرة أن رسول الله صلى اله عليه وسلم قال: "إذا توضأ العبد المؤمن فغسل وجهه خرجت من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء، أو مع آخر قطرة من الماء حتى يخرج نقيا من الذنوب.
3 - قال وحدثني مطرف عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي عبد الله[61] [62] الصنابحي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا توضأ العبد المؤمن فمغمض خرجت الخطايا من فيه، فإذا استنثر خرجت الخطايا من أنفه، فإذا غسل وجه خرجت الخطايا من وجهه، حتى تخرج من أشفار عينيه، فإذا غسل يديه خرجت الخطايا عن يديه، حتى تخرج من أظفار يديه، فإذا مسح برأسه خرجت الخطايا من رأسه حتى تخرج من أذنيه، فإذا غسل رجليه خرجت الخطايا من رجليه، حتى تخرج من تحت أظفار رجليه، ثم كان مشيه إلى المسجد وصلاته نافلة له.
4 - قال وحدثني أسد بن موسى عن عبد الحميد[62] [63] ابن بهرام عن شهر بن حوشب عن أبي أمامة الباهلي أن رسول الله صلى اله عليه وسلم قال: "الوضوء يكفر ما قبله وتصير الصلاة نافلة".
صفحه ۱
5 - قال: وحدثني المقرئ عن سعيد[63] [64] ابن أبي أيوب عن زهرة بن معبد عن عقبة الجهني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من توضأ فأحسن وضوءه ثم رفع بصره إلى السماء فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأن محمد عبد الله ورسوله. اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهري / فتحت له يوم القيامة ثمانية أبواب من الجنة يدخل من أيها شاء"[64]
[65]
6 - قال: وحدثني صعصعة عن مخلد بن .... الدمشقي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من توضأ ففرغ من وضوئه ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمد عبده ورسوله اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين قالت خزنتها الثمانية هلم لها أي وادخل من أي أبوابها شئت".
7 - قال: وحدثني مطرف عن مالك أن رسول الله عليه وسلم قال: "استقيموا ولن تحصوا، وخير أعمالكم الصلاة[65] [66] وال يحافظ على الوضوء إلا مؤمن".
8 - قال عبد الملك: يعني بقوله: "ولن تحصوا" ولن تطيقوا حتى الاستقامة. وهو مثل قول الله تبارك وتعالى حين كان فرض قيام الليل "على أن لن تحصوه" يقول: علم أن لن تطيقوه فتاب عليكم".
9 - قال: وحدثنا مطرف عن مالك عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم[6] [67] قال: "ألا أخبركم بما يمحو الله به الخطايا ويرفع الدرجات، إسباغ الوضوء عند المكاره وكثرة الخطى إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط، فذلكم الرباط" قال عبد الملك: يعني بقوله "إسباغ الوضوء عند المكاره" إكماله وإتمامه في شدة البر أو الريح أو في جوف الليل والأحاين التي يثقل فيها من الماء من الليل.
10- قال: وحدثني مطرف عن مالك عن العلاء عن أبي هريرة قال: "قالوا يا رسول الله كيف تعرف أمتك[67] [68] يوم القيامة قال: يأتوا غرا محجلين من الوضوء"
صفحه ۲
قال عبد الملك: يعني بالغرة والتحجيل: غشيان [نور] الله وجوههم وأطرافهم في المحشر وفي الموقف عند الحساب.
11- قال وحدثني معاذ بن الحكم عن مقاتل عن نافع [68] [69] عن ابن عمر أن رسول اله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الغر المحجلين يوم القيامة من آثار الوضوء في الدنيا فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل".
12- قال: وحدثني ابن المغيرة عن [69] [70] الشوري عن الأعمش عن علقمة عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الطهور نصف الصبر والصبر نصف الأيمان واليقين الإيمان كله.[70]
[71]
13 - قال: وحدثني ابن المغيرة عن الشوري عن أبي إسحاق الهمذاني عن رجل من بني سليم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الصوم نصف الصبر والطهور نصف الأيمان".
1- قال: وحدثني أسد/ بن موسى عن مبارك بن فضالة عن الحسن[71] [72] عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كان يوم القيامة نادى منادي الله تبارك وتعالى أين الناقصون؟ [قالوا] الناقصون الوضوء والصلاة.
15- قال وحدثني معاذ بن الحكم عن مقاتل بن قيس عن أبي حازم عن سلمان أنه قال: "إن الوضوء والصلاة مكيال، فمن أوفاه[72] [73] في الدنيا أو في أجره يوم القيامة. ومن انتقص منه شيئا، انتقص من أجره مثل ذلك.
16- قال: وحدثني ابن الماجشون عن الدراودي عن زيد بن أسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن قول الله تبارك وتعالى "يوم تبلى السرائر" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:[73] "هي الوضوء والغسل والصلاة والصوم. وهي الأمانة التي حملها ابن آدم.
17- قال: وحدثني مطرف عن مالك أنه سئل عن قول الله تبارك وتعالى" يوم تبلى السرائر "أبلغك أن الوضوء من السرائر فقال: نعم قد بلغني ذلك. قال مالك: والصلاة والصيام من السرائر لأنه إن شاء قال: توضأت ولم يتوضأ. وقد صليت ولم يصل. وقد صمت ولم يصم.
صفحه ۳
قال مالك: ومن السرائر ما في القلوب يخبر الله به العباد. سنن الوضوء وحدوده:
18- حدثنا عبد الملك قال: حدثني إسماعيل بن أبي[74] [75] أويس المدني عن محمد بن هلال عن أبيه قال: "كنت مع عمرو بن يحيي المازني جالسا بفناء داره فدعا بوضوء وقال لي: احفظ فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ هكذا:
فصب على يديه فغسلهما ثلاثا، ثمضمض واستنثر ثلاثا ، ثم غسل وجهه ثلاثا، ثم غسل يده اليمنى ثلاثا، ثم اليسرى ثلاثا إلى المرفقين ثم مسح برأسه مقبلا ومدبرا مرة واحدة، ثم مسح أذنيه ظاهرهما وباطنهما مرة واحدة، ثم غسل رجليه بدأ باليمنى[75] [76] ثم اليسرى".
19- قال عبد الملك: ومن الوضوء مفروض ومسنون فمفروضه قول الله تعالى وتبارك "يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق واسمحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين".[76] [77] فهذا الوضوء المفروض الذي لا تجزئ الصلاة إلا به. وسن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك المضمضة والاستنشاق ومسح الأذنين. قال عبد الملك: وتفسير قوله: "إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم "إلى تمام الآية إنما يعني إذا قمتم إلى الصلاة من المضاجع كذلك أخبرني مطرف عن مالك عن زيد بن أسلم.
20- قال عبد الملك/ فمفروض الوضوء هو: غسل الوجه واليدين إلى المرفقين ومسح الرأس وغسل الرجلين. ومسنون الوضوء ثلاثة: المضمضة والاستنشاق ومسح الأذنين. فمن ترك من مفروض الوضوء شيئا نسيانا أو جهالة حتى صلى فلا صلاة له وابتدأ الصلاة أبدا. ومن ترك من مسنون الوضوء شيئا نسيانا أو جهالة حتى صلى فصلاته تجزيه. ولا إعادة عليه في وقت ولا في غيره. لأن الفريضة تجزى من السنة. والسنة لا تجزي من الفريضة إلا أن عليه أن يتدارك ما نسى من ذلك أو جهل لما يستقبل. كان ذلك قبل الصلاة أو بعدها. يأخذ الماء لذلك الشيئ الذي كان نسيه وحده وليس عليه ابتداء الوضوء له.
صفحه ۴
21- ولقد حدثني أسد بن موسى عن خداثر بن عمرو[77] [78] أن رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ونسى أن يتمضمض ويستنشق ثم ذكره بعد ما ذهب بالإناء الذي توضأ منه فقال: يا غلام: أردد علي الإناء. فإني نسيت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمضمض واستنشق.
22- قال وحدثني أسد عن همام عن قتادة أنه قال: من نسي من مسنون الوضوء شيئا حتى صلى أجزأته صلاته. ومن نسي من مفروضه شيئا حتى صلى، أعاد صلاته. قال عبد الملك: وهو قول مالك وأصحابه.[78]
[79]
قال عبد الملك: ولا وضوء ولا غسل لمتوضئ، ولا لمغتسل إلا بنية الطهر به.
23- قد حدثني ابن أبي أويس، عن حسين بن ضميرة،عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك أن رسول اله صلى الله عليه وسلم[79] [80] قال: "لا إيمان لمن لم يؤمن من بي ولا صلاة إلا بوضوء. ولا وضوء لمن لم يسم الله".
24- قال عبد الملك يعني بالتسمية: النية، أن ينوي بوضوئه طهر الصلاة. فمن لم ينو بوضوئه طهر الصلاة لم تجزه الصلاة به. وإن كان وضوء سابغا مثل أن يتوضأ تنظفا أو تبردا فلا تجزيه الصلاة به وكذلك قال مالك. وقال مالك أيضا: لو أن رجلا علم رجلا الوضوء، فتوضأ له وهو ينظر أو توضأ الآخر لتعليم هذا لم يجوز لواحد منها أن يصلي بذلك الوضوء، حتى يتوضأ للصلاة بعينها ولا وضوء لمن لم ينويه طهر الصلاة أو ينوي به أن يكون على طهر وإن لم يرد الصلاة مثل[80] [81] أن يتوضأ لمس المصحف، أو لجنازة أو النوم، فلا بأس أن يصلي بها الصلاة المكتوبة والنافلة.
قال مالك: وربما [أرسل إلي] الأمير فأتوضأ أريد به الطهر ثم أصلي به. قال عبد الملك: وقد يقع تأويل التسمية في هذا الحديث أيضا على تسمية/ النية في الوضوء.
صفحه ۵
قال: وحدثني الأويسي عن إسماعيل بن عياش عن أبان[81] [82] عن أنس أن رسول الله صلى لله عليه وسلم قال: "إذا توضأ الرجل فذكر باسم الله طهر الله بوضوئه جميع جسده. وإذا توضأ ولم يسم اله لم يطهر الله عنه إلا موضع الوضوء.
26 - قال عبد الملك: وحدثني أسد عن همام عن قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الوضوء مفتاح الصلاة، وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم".
27- قال عبد الملك: فإذا أردت الوضوء، فسم الله ثم اغسل يدك اليمنى قبل أن تدخلها في وضوئك، ثم أفرغ بها على اليسرى. فاغسل باليسرى فرجك، ثم اغسل اليسرى من استنجائك حتى تنقيها ثم مضمض واستنثر ثلاثا، ثم اغسل وجهك مثل ذلك، واحمل الماء بيديك إلى وجهك، ولا ترسله من يديك قبل أن ترفعهما إلى وجهك، ثم اغسل يدك اليمنى، ثم اليسرى إلى المرفقين ثلاثا، أو اثنين ثم خذ الماء بيدك ثم أرسله، وإن شئت بيدك الواحدة، فتصبه على الأخرى ثم أرخهما، وامسح بهما رأسك، تبدأ من مقدم رأسك من أصل شعر الجبهة فتذهب بهما إلى آخر شعر القفا، ثم تردهما إلى المكان الذي بدأت منه مرة واحدة. لا يستحب أكثر منها. ثم تأخذ الماء بإصبعيك بأذنيك، سوى الماء الذي تأخذه لرأسك، فتمسح أذنيك ظاهرهما وباطنهما مرة واحدة. تدخل إصبعيك في ضماخيك وتمسح ظاهر أذنيك بإبهاميك. وليس عليك أن تتبغ غضون أذنيك بالماء، ثم تغسل رجليك إلى الكعبين حتى تنقيهما، تبدأ باليمنى ثم اليسرى.[82]
[83]
28 - قال عبد الملك: وليس في الوضوء عدد موقوت و[بحيث] إذا انتهيت إليه جزى عنك أو نقصت منه لم يقبل منك إلا الإسباغ.
صفحه ۶
29- وقد حدثني إسحاق ابن صالح المدني عن عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن معاوية بن قرة عن عبد الله ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "توضأ مرة مرة وقال هذا وضوء لا تجزي الصلاة إلا به، ثم توضأ مرتين مرتين، وقال: هذا وضوء من توضأ أوتي أجره مرتين. وهو القصد من الوضوء، ثم توضأ ثلاثا ثلاثا، وقال هذا وضوئي، ووضوء الأنبياء قبلي ووضوء إبراهيم خليل الرحمن قال: من توضأ ثم قال عند فراغه[83] [84] من وضوئه، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمد عبد الله ورسوله، فتحت له يوم القيامة ثمانية أبواب من الجنة/ يدخل من أيها شاء".
30- قال عبد الملك: غير أن أكمل الوضوء ثلاثة [واحدة] واحدة واحدة وكذلك حدثني أسد بن موسى عن الخليل بن مرة عن ابن [أبي مليكة قال] في الوضوء: والواحدة تجزي والاثنتان تسبغان[84] [85] والثلاث شرف والأربع سرف....
31- وحدثني أبو معاوية المدني عن داود بن قيس قال سئل القاسم بن محمد عن الوضوء غرفة غرفة فقال القاسم: "من كان يحسن أن يتوضأ فسيكفيه غرفة غرفة وغرفتان.[85] [86] أحب إلي، والثلاث أحب إلي من الاثنتين".
وأخبرني مطرف أنه سمع مالكا يقول: الوضوء واسع: مرتين مرتين، وثلاث ثلاث، قيل له فالواحدة، قال لا أحبها إلا من العالم بالوضوء. قال مالك: ولا أحب أن ينقص من اثنتين ولا يزاد على الثلاث إلا مسح الرأس فإنه لا يستحب أن يزاد على واحدة. وغسل القدمين فإنه لا حد لغسلهما في عدد قال: والرجال والنساء في الوضوء سواء.
قال عبد الملك: وبالغ في الاستنشاق ما لم تكن صائما.
فكذلك حدثني الحزامي عن[86] [87 ] الواقدي عن إسماعي بن كثير عن عاصم بن لقيط أن رسول الله صلى اللهعلهي وسلم قال لرجل: بالغ في الاستنشاق ما لم تكن صائما:[87]
[88]
34- قال عبد الملك: وألزم ما يكون المبالغة في الاستنشاق عند القيام من النوم.
صفحه ۷
فقد حدثني ابن الماجشون عن الدراوردي عن عيسى بن طلحة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا استيقظ أحدكم من منامه فتوضأ فليستنشق وليستنثر ثلاث مرات. فإن الشيطان يبيت على خياشيمه".
35- قال عبد الملك: وسواء مضمت أو استنشقت بغرفة واحدة أو فرقت ذلك، فقد أخبرني مطرف أنه سمع مالكا يقول: "لا بأس أن يتمضمض الرجل ويستنشق بغرفة واحدة.[88] [89] قال لي مطرف: "وقد رايت مالكا يفعل ذلك إذا توضأ ولا يرى به بأسا".
36- قال عبد الملك: وليس يجزي المتوضئ في غسل وجهه عند الوضوء إلا أن يحمل الماء إليه ويجري يديه عليه.
فقد حدثني أبو معاوية المدني وعلي بن معبد البصري عن شريك بن عبد الله النخعي عن خالد بن ثريد أنهق قال: "وضأت عبد الله بن عمر. فكان يشن الماء على وجهه شنا".[89]
[90]
37 - قال عبد الملك: ولا يكون الغسل إلا بذلك. فإما أن يرسل المتوضئ الماء من يديه ثم يذهب بهما إلى وجهه لا ماء فيهما إلا البلة، فيمرهما على وجهه، فإنما هو إذا فعل ذلك ماسح وليس غاسلا / [قالل] تبارك وتعالى: "فاغسلوا وجوهكم" وترى على من فعل هذا أن يعيد الوضوء [ولا يجوز أن يصلي] بها بمثل ذلك الوضوء أبدا وإنما يجوز هذا فيما ذكر الله فيه المسح [أو جاءت به السنة] مثل الخفين والرأس والأذنين. فليس على المتوضئ أن يحمل الماء إلى رأسه ولا إلى أذنيه ولا إلى خفيه وإنما الشأن فيه أن يأخذ الماء بيديه ثم يرسله. أو يرسله باليمنى على اليسرى، ثم يمسح ما كان في القرآن أو السنة مسحا. وهكذا سمعت أصبغ بن الفرج يقول في ذلك كله.[90]
[91]
38- قال عبد الملك: وحد غسل الوجه عند الوضوء من الصدغين إلى الخدين، إلى الوجه، إلى اللحي الأسفل، وليس من خلف الصدغين إلى الأذنينإلى ما وراء شعر اللحية، كذلك قال مالك.
صفحه ۸
39- قال عبد الملك: وتخليل اللحية عند الوضوء رغبة وليس بواجب وإنما اللحية من الوجه، فإنما عليك أن تمر يديك بالماء على لحيتك كما تمرهما على وجهك. وإن كثر شعر اللحية حركتها وذلك عند الوضوء فأما في الغسل من الجنابة فعليك أنتخلل على كل حال وهكذا كان مالك يقول.
40- وحدثني ذلك أيضا أسد بن موسى عن حماد بن سلمة عن يحيي[91] [92] البكاء، قال: "رأيت ابن عمر يغسل وجهه إذا توضأ ولا يخلل لحيته.
41- وحدثني أسد عن غير احد أن القاسم بن محمد والحسن وإبراهيم النخعي كانوا لا يخللون لحاهم عند الوضوء.[92] [93]
42- قال عبد الملك: ومن خلل لحيته ضد الوضوء فحسن مستحب مرغوب فيه، وهو الذي آخذ به، قد كان رسول الله صلى اللهعليه وسلم يخلل ويرغب في التخليل من غير إيجاب.
43- حدثني ذلك أصبغ بن الفرج عن ابن وهب عن[92] [93] عمرو بن الحارث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان "إذا توضأ فغسل وجهه خلل لحيته بأصابعه حتى يصل الماء إلى البشرة".
44- وحدثني أسد بن موسى عن يحيي بن كثير عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هكذا علمني جبريل. وقال بأصابع يديه فأدخلهما تحت لحيته ثم خللها إلى فوق.
[94]
45- قال عبد الملك: فاتخليل عند الوضوء رغبة وليس بلازم، ولكن لابد من أن يصل الماء خلال الأصابع، ومن أخذ باتخليل فحسن مستحب مرغوب فيه وأنا آخذ به.
46- قد حدثني ابن عبدا لحكم عن ابن لهيعة علن الحبلي قال: سمعت المستورد بن شداد القرشي يقول: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدلك بخنصره ما بين أصابع رجليه[94] [95] عند الوضوء.
47- وحدثني عبد الله بن نافع القارئ عن الأعرج عن أبي هريرة [95] [96] قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدلك بأصبعه المسبحة بين أصابع رجليه عند لوضوء.
صفحه ۹
48- وحدثني ابن أبي أويس عن حسين بن ضميرة عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب أنه كان يخلل لحيته وأصابع[95] [96] قدميه عند الوضوء، ويقول: "خللوا لعل الله يتخلل بكم إلى الجنة".
49- وحدثني أسد عن طلحة بن عمرو بن عطاء بن أبي رباح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "حبذا المتخللون قيل من المتخللون يا رسول الله قال المتخللون عند الوضوء والمتخللون من الطعام وليس أبغض إلى الملك من الشيئ يراه بين الأسنان.[97]
[98]
50- قال عبد الملك: وأما أصابع اليدين فلابد من تخليلها إدخال بعضها في بعض عند الوضوء وليس في ترك تخليلها من الرخصة ما في ترك تخليل أصابع القدمين.
وقد بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاتب الناس في غسل الرواجب وهي أنامل الأصابع السفلى.
51- وحدثني أسد عن همام عن يحيي بن كثير أن أبا بكر الصديق كان يقول: "لتخللن أصابعكم بالماء ولخللنها الله بالنار"[98]
[99]
52- قال عبد الملك: وينبغي للمتوضئ أن يتعاهد عقبيه بالماء عند الوضوء. فقد حدثني مطرف عن مالك أن عائشة نظرت إلى أخيها عبد الرحمن ابن أبي بكر وهو يتوضأ فقالت له: "يا عبد الرحمن أسبغ الوضوء فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ويل للأعقاب من النار يوم القيامة.[99]
[100]
53- قال عبد الملك: يعني لتضييع غسلها عند الوضوء.
54- قال عبد الملك: وليس إسباغ الوضوء كثرة صب الماء، إنما إسباغ الوضوء إكماله وإتمام حدوده. وعموم غسل مواضعه.
55- وقد حدثني ابن عبد الحكم عن ابن لهيعة عن أبي بالزبير عن جابر بن عبد الله أن عمر بن الخطاب توضأ لصلاة[100] [101] الظهر فترك على ظهر قدميه كموضع ظفر لم يصبه الماء، فأبصر رسول الله صلى اللهعليه وسلم فقال: ارجع فاحسن وضوءك وتوضأ ثم صل".
صفحه ۱۰
56 - وحدثني ابن عبد الحكم عن الليث بن سعد عن ابن شهاب[101] [102] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا قد توضأ، وفي عقبه ب] فهو من موضع درهم لم يصبه الماء، ثم صلى فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم [ارجع فأحسن] وضوءك فرجع فتوضأ ثم صلى فأسبغ وضوءك ثم صل. ثم قال لمن [لم يتوضأ] اسبغوا الوضوء فإن الوضوء نصف الإسلام"
57- وأخبرني مطرف عن مالك أنه قال: "من توضأ واغتسل فبقيت لمعة من جسده لم يصبها الماء، فإنه إن تركها عامدا جاهلا أو عالما، أعاد الوضوء إن كان توضا أو الغسل إن كان اغتسل وأعاد الصلاة أبدا. وإن كان ترك ذلك ساهيا غسل تلك اللمعة وحدها وأعاد الصلاة أبدا فإن لم يغسل ذلك حين ذكره فليعد الغسل أو الوضوء من أوله".[102]
[103]
58- قال عبد الملك: وقد استخف مالك للرجل ينكسر ظفره فيحمل عليها المصطي أن يتوضأ به كذلك.
59- وسئل مالك أيضا عن الرجل يتوضأ وخاتمه في أصبعه هل عليه ألا يحمله ليصل الماء إلى موضع الخاتم من الإصبع فقال مالك: "ليس ذلك على الناس قال عبد الملك: وحدثني الحزامي عن معن عن خالد بن أبي بكر أنه قال: "رأيت سالم[103] [104] ابن عبد الله يتوضأ وخاتمه في يده فلا يجليه".
60- وحدثني الحزامي عن معن أن عبد الله بن عمرو وعبد الله ابن عمرو بن العاص وعطاء بن أبي رباح ومحمد[104] [105] بن سيرين كانوا يجيلون خواتمهم إذا توضأوا.
61- قال عبد الملك: فأحب إلي إن كان الخاتم سلسا أن يترك لأن الماء يمس موضعه وإن كان ضيقا أن يجال كي يمس الماء موضعه. خيفته أن يكون كمن توضأ وبقيت منه لمعة لم يمسها الماء وهكذا أخبرني عبد الله بن صالح عن[105] [106] عبد العزيز ابن أبي سلمة.
وفي حديث عمر معتبر من هذا حين توضأ فبقى على ظهر قدمه كموضع ظفر لم يصبه الماء، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجرع فيحسن وضوءه ثم يصلي.
64- قال عبد الملك: وأكره للرجل أن يستنجى وخاتمه في إصبعه من يده التي يستنجى بها، إذا كان فيه اسم اله، ورأى أن يحوله عند الاستنجاء في يده اليمنى.
صفحه ۱۱
65- وقال عبد الملك: ولا يمسح أحد على عمامته ولا على وقايته،[106] [107] ومن فعل ذلك من رجل أو امرأة، فعليهما إعادة الصلاة متى ما علما قبيح ما صنعا.
66- قال عبد الملك: وعلى المرأة أن تمسح مقدم رأسها ومؤخره مثل الرجل سواء وتمسح أدلتها بالماء، قال: إن كانت لها ظفائر مرسلة على ظهرها، وكان شعرها مسدولاص فعليها أن تمسح كله بيديها حتى تأتي على آخره ثم تدخل يديها من تحته فتحسو له حتى ترد يديها به [من] ظفائرها المرسلة إلى مقد رأسها. لابد لها من ذلك فإن كان مما يمكنها أن تجمعه في يدها [أجزأها] فإن كان لا يمكنها إلا أن تنتقل بيدها فعلت فإن شاءت أخذت [الماء له وان] شاءت اكتفت بالأول أن بقي في يديها من بلله شيئ وكذلك تفعل ذات القرون [الطويلة] تستطيع أن تعم بيديها راسها وقرونها فإن فرطت في ذلك فلا صلاة لها، وعليها الإعادة متى ما علمت قبيح ما صنعت وكذلك قال لي مطرف وابن الماجشون عندما كاشفتهما عنه، وروياه عن مالك.
67- قال عبد الملك: وإن كانت قرون شعرها من شعر غير شعرها أو من صوف أسود كثرت به شعرها. لم يجزها المسح عليه حتى تنزعه إذا لم يصل الماء إلى شعرها من أجله. وقد نهي عن وصل المرأة شعرها أو أ، تجعل عليه شيئا تكثره به من شعر أو صوف أسود وفيه قال[107] [108] رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعنت الواصلة والمستوصلة.
68 - قال عبد الملك: ولا بأس أن يصلي الرجل صلوات يومه وليلته وأكثر من ذلك لو قدر عليه بالوضوء الواحد وكذلك قال مالك.
69- وقد حدثني عبيد الله بن موسى عن [108] [109] الشوري عن علقمة بن مرشد عن سلميان بن بريدة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كان يتوضأ لكل صلاة حتى كان يوم فتح مكة. فصلى الصلوات بوضوء واحد ومسح على خفيه. فقال له عمر: يا رسول الله إني رأيتك صنعت شيئا لم تكن تصنعه. فاقل: إني عمدا صنعته يا عمر".[109]
صفحه ۱۲
[110] 70 - قال عبد الملك: ومن أدخل يده في وضوئه قبل أن يغلسها ساهيا أو عامدا فلا شيئ عليه. ووضوءه تام. كان الماء قليلا أو كثيرا إذا كانت يده نقية لا خير فيها. وقد حدثني أسد عن نصر بن طريف عن إبراهيم بن ميسرة عن طاوس قال: "رأيت عمر بن الخطاب[110] [111] وعبد الله بن عباس يخرجان من حاجتهما فيستقبلان وضوءهما فيغمسان بأيديهما فيه قبل أن يغسلاها.
71- قال عبد الملك: ونفسر الشيئ إذا استيقظ المتوضى من نومه أو مس فرجه أو كان جنبا أو امرأة حائضا إذا كانت أيديهم طاهرة، ولا أحب لأحد أن يتعمد ترك غسل يده وإن كانت نقية.
72- وقد حدثني أسد عن خداش بن عمرو قال: توضأ أبو هريرة فقال: "لو شئت لأدخلت يدي في الإناء قبل أن أغسلها فإنها نظيفة ثم غسلها ثلاثا قبل أن يدخلها الإناء.
73- قال عبد الملك: إلا أن يكون رجل بات [ولا] يدري ما أصاب يده من جنابته. فإن هذا إن أدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها أنجس ذلك الماء وهو معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا قام أحدكم من نومه فلا يغمس بيده في إناء وضوئه،[111] [112] حتى يغسلها، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده" معناه عندنا إن بقيت جنبا.
وقد حدثني أسد بن موسى عن الحسن بن دينار عن الحسن[112] [113] البصري أنه سئل عن الجنب يغمس يده في الإناء قبل أن يغسلها قال: إن كانت جنابته من وطء ويده نظيفة، قال بأس به وإن كانت من احتلام أهراقه ليلا، فإنه لا يدري أين باتت يده فليصببه".
74- وأخبرني مطرف عن مالك أنه سئل عن الجنب يقرب إليه الماء الساخن ليغتسل به فيدخل فيه يده قبل أن يغسلها ليعلم حرارته، قال: "إن كانت يده نقية فلا بأس به".
صفحه ۱۳
75- قال عبد الملك: ومن توضأ على شاطئ نهر. فلما فرغ من وضوئه إلا غسل رجليه أدخلهما في الماء. ثم خضخضهما فيه فإن ذلك لا يجزئه. وإن نوى بذلك غسلهما للوضوء حتى يغسلهما بيديه، لأن الغسل لا يكون إلا باليدين، وكذلك الجنب يقتحم النهر، ولا يحرك يديه على جسده أنه لا يجزئه من غسله حتى يمر يديه على ما بلغتاه من جسده، إمرارا تدلك وليس تدلك استنقاء ولكن تدلك اغتسال. لا، الاغتسال والوضوء لا يكونان إلا بإمرار اليدين على الجسد، أو على مواضع الوضوء وكذلك أخبرني مطرف عن مالك في الوضوء والغسل.[113]
[114]
76- وأخبرني مطرف عن مالك أن محمد بن هشام المخزومي قال لعطاء ابن أبي رباح: "أرأيت من توضأ على شفة صهريج أو ما أشبه ذلك فغسل وجهه ويديه ومسح برأسه ثم دلى رجليه في ذلك الماء يخضخضهما فيه هل يجزيه ذلك فقال عطاء: "لا حتى يغسلهما بيديه".
77- قال عبد الملك: ولا بأس أو يتوضأ المريض للصلاة إذا ضعف عن فعل ذلك بيديه، وقد حدثني عبد الله بن نافع عن العطاف بن خالد عن نافع قال: اشتكى ابن عمر فكنت أوضيه، فأغسل وجهه ويديه وأمسح برأسه فإذا مسحت أذنيه قال: ويحك يا نافع ألطف.
قال عبد الملك: يعني أن أخف ذلك يكن في مسح الأذنين.[114]
[115]
78- قال عبد الملك: وحدثني مطرف عن مالك عن نافع عن ابن عمر "أن جواريه كن يغسلن رجليه وهن حيض، وذلك في وضوء الصلاة وربما قالت له إحداهن إني حائض فيقول لها [ليس] حيضك في يدك".
قال مالك: لم يكن يغسلن رجليه إلا من مرض أو ضعف كبير، ولا بأس بذلك.
79- قال عبد الملك: وينبغي للمتوضى والمغتسل أن يبدأ بميامنه. فقد حدثني أسد بن موسى عن عثمان بن مقسم عن المقبري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال إذا توضأ أحدكم[115] [116] فليبدأ يمينا منه".
80- قال عبد الملك: ولا ينبغي للمتوضئ أن يستنجى بيمينه، ولا يمسح ذكره بيمينه ولا يغسل باطن قدميه بيمينه.
صفحه ۱۴
81- فقد حدثني أسد بن موسى عن همام عن يحيي بن أبي كثير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا جاء أحدكم من الغائط، فلا يستنجى بيمينه، وإذا بال فلا يسمح ذكره بيمينه.
82- وحدثني أسد بن موسى عن المبارك بن فضالة عن الحسن البصري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "نهى أن يغسل الرجل باطن قدميه بيمينه.[116]
[117]
83- وحدثني أسد بن موسى عن الحسن بن دينار عن محمد بن سيرين قال: "امتخط الحسن بن علي عند معاوية بيمينه فقال له معاوية: شمالا فقال الحسن بيميني لوجهي وشمالي لحاجتي".
84- طقال عبد الملك: وكذلك كان علي يقول، في الامتخاط باليمين مثل الذي فعل ابنه الحسن، كان يقول: ما على أحدكم لو قسم يديه لجسده، يده اليمنى لما ظهر ويده اليسرى لما بطن.
85- حدثني ذلك ابن أبي أويس عن ابن ضميرة عن أبيه عن جده عن علي، قال عبد الملك: والامتخاط بالشمال أحب إلي لأنه من الأذى.[117]
[118]
86- وقد حدثني أسد بن موسى عن حماد بن سلمة عن إبراهيم النخعي عن عائشة أنها قالت: "وكانت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم اليسرى لحاجته، وما كان من الأذى، وكانت يده اليمنى لطعامه وطهوره.
صفحه ۱۵
87- قال عبد الملك: وقد كان علي يكره أن يمس الرجل ذكره بيمينه حدثني ذلك ابن أبي أويس عن ابن ضميرة عن أبيه عن جده عن علي، وبلغني أن مسلم بن يسار الجهني وكان من خيار التابعين، كان يقول: "لا أمس ذكري بيميني وأنا أجرو أن آخذ بها كتابي "وبلغني عن عثمان بن عفان أنه قال: "ما مست ذكر بيميني منذ بايعت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم"[118] [119] 88- قال عبد الملك: وليس الاستنجاء من سنة الوضوء: إنما الوضوء من المضمضة إلى هلم. فأما الاستنجاء فإنما هو مدنس يغسل بالماء، وليس على الرجل أن يستنجي إلا من بلل يخرج من ذكر أو دبر، فلو أن رجلا استنجى من بعض ذلك. ثم أخر وضوء إلى أن تحين صلاته [ثم] توضأ وضوء طاهرا من المضمضة إلى هلم، وكذلك كان من انتقض [وضوؤه من غير] بلل يخرج من دبر أو إحليل وإن خرجت منه ريح أو صوت فإنما [عليه] وضوء طاهرا فقط.
89- قال عبد الملك: ولا بأس بالتمندل بالمنديل بعد الوضوء [سئل] عنه مالك. فقال: لم سألتموني عنه؟ فقيل له. إن أناسا يقولون: إنه يذهب نور الوجه. فقال: "لا بأس به وما سمعت فيه بكراهية.
90- قال عبد الملك: وقد حدثني أسد بن موسى عن عدي بن الفضل عن إياس بن جعفر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كانت[119] [120] له خرقة ينتشق بها إذا توضأ.
91- وحدثني علي بن معبد عن أبي المليح قال: "كان ميمون ابن مهران يتندل بالمنديل بعد الوضوء لا يرى به بأسا.[120]
[121]
ماذا يستحب من القصد في الوضوء وما يكره من الغلو فيه والسرف؟
92- قال عبد الملك: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقصد في الماء ضد وضوئه. وعند غسله. فقد حدثني أسد بن موسى وعبد الله ابن المغيرة عن الربيع بن صبيح عن الحسن البصري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كان يتوضأ بقدر المد ويغتسل بقدر الصاع" حدثني ابن المغيرة عن العزرمي عن عطاء بن أبي رباح، أن[121] [122] رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ذلك.
وحدثني أسد بن موسى عن همام عن قتادة عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ذلك أيضا.
93- وحدثني أسد عن الصلت بن دينار عن شهرين حوشب عن أبي أمامة الباهلي قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ بقدر نصف مد".
صفحه ۱۶
94- وأخبرني مطرف عن مالك أنه قال: "كان علينا وآل من بني هاشم بالمدينة يقال له معبد بن العباس، فكان يأخذ من الماء قدر نصف مد فيتوضأ به، ويصلي بنا، وكان إماما.
95- قال لي مطرف: فرأيت مالكا يعجبه ذلك، ورواه ابن وهب عن مالك كرواية مطرف. قال عبد الملك: وليس في ذلك حد موقوت من كيل الماء إلا ما أسبغت به وضوءك والقصد في ذلك حسن مستحب والسرف فيه مكروه.
96- وقد حدثني إبراهيم بن المنذر الحزامي عن معن بن عيسى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله تبارك وتعالى ليبعث ملائكة ضد كل وضوء فيرفعون منه ما كان قصدا ويلغون ما كان سرفا.
[123]
97- قال وحدثني الحزامي عن الواقدي عن خالد بن إياس عن يحيي بن عبد الرحمن بن حاطب قال: "رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن أبي وقاص يتوضأ ويكثر صب الماء. فقال: ما هذا الإسراف يا سعد؟ فقال سعد: وفي الوضوء إسراف يا رسول الله؟ قال: نعم، ولو كنت على نهر جار.[123]
[124]
98- قال عبد الملك: وبلغني أن ابن مسعود قال: إن من السرف أن يمر الرجل بنهر عجاج فيتوضأ فيكثر صب الماء.
قال عبد الملك: وشدة التوقي في الوضوء والغلو فيه مكروه ولا يكاد يعرض إلى من وسوسة.
99- وقد حدثني الحزامي عن الواقدي عن بيان عن الحسن قال: "للوضوء شيطان يسمى ولهان يضحك بالناس في وضوئهم ويوسوسهم فيه وهو أشد الشياطين على الناس".
100- قال وأخبرني مطرف عن مالك أنه سئل عن الرجل يجلس للبول فيتنظف[124] [125] ساعة بعد أن بال ثم يتوضأ. فإذا فغ وجد بللا فلا يدري أهو من الماء أم من البول. فقال مالك: إني لأرجو أن يكون عليه في هذا شيئ وما سمعت أن أحد أعاد من مثل هذا الوضوء، ولا كان يتربص بعد فراغه حتى يتعصر ويتنظف.
صفحه ۱۷
101- وقد توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر بعد رسول الله عليه السلام فلم يأت عن أحد منهم أنه كان يتربص[125[ [126] في وضوئه ويتنظف وما رأيت أحدا كان اسرع توضيا من ربية ابن أبي عبد الرحمن كان يدخل للوضوء ثم يرجع من ساعته لا يطيل مكثا، وكان قد أصابته حرارة في آخر زمانه كانت تعجله للبول. فكان يجلس لأصحابه على سريرة ووراء ظهره سنبكة من صفر فهو يكلمهم في العلم ويكلمونه. فإذا وجد البول حول إليهم ظهره. فبال في السنبكة، ثم تحول إلى القوم.
قال وكان إذا توضأ أخف وضوء هو اكتفى باليسير من الماء. وكان فقيها فاضلا قال مالك: وكان ابن هرمز مبتلا بالوضوء يتوضأ فيكثر صب الماء ويجلس للبول فيكثر التنظيف ويتوقى فيشتد في التوقي.
102- قال عبد الملك: وحدثني مطرف عن عمه محمد بن مطرف قال: كان[126] [127] ابن هرمز إذا توضأ فأكثر، يقبل علينا فيقول: أما والله ما الذي أنا فيه بالصواب ولا تعتبروا بي، ولكني رجل مبتلى بما ترون من الشدة.
103- وحدثني مطرف عن عبد الله بن سلميان قال: اجتمعت أنا وربيعة ضد ابن هرمز في بيته [في وقت] صلاة قام ربيعة إلى المغتسل فبال، فأخف الجلوس للبول ثم توضأ فأعاد [الوضوء] فلما غسل وجهه ويديه جلس في ناحية من المغتسل بموضع منه فغسل رجليه. قال عبد الله بن سليمان: فنظرت إليه فقال لي ابن هرمز، أما والله [ليس من] الفقه لو كنت أنا أو أ،ت ما صنعنا هذا.
قال لي مطرف: وكان عبد الله بن سليمان مثل ابن هرمز في شدة الوضوء والتوقي فيه.
104- قال عبد الملك: وسألت ابن الماجشون عما ينتضح من المغتسل في الإناء من شرر الماء فاستخف ذلك وقال: هذا مما لا يستطاع الاحتراس منه[127] [128] قلت له: وإن كان مغتسلا يبال فيه، فقال لي: إن المغتسل لا ينبغي أن يكون إلا أثل منحدرا ينسرح عنه ما يسقط فيه من بول أو ماء فإذا كان كذلك. فلا بأس بما انتضح من مائه. وإن كان مغتسلا يبال فيه.
صفحه ۱۸
قال: وإن كان المغتسل غير أزل يستنقع فيه ما صب عليه، كان ما انتضح فيه منجسا لما أصاب من وضوء أو ثوب.
105- قال لي ابن الماجشون وقد حدثني الدراوردي عن هشام بن حسان قال سئل الحسن عن الماء ينتضح من المغتسل في الإناء، فقال لا أبالك ومن يملك أطراف الماء، قال ابن الماجشون وحدثني الدراوردي عن محمد بن عمرو قال: سئل عطاء عن الماء ينتضح من المغتسل في الإناء فقال: أليس بأزل قيل بلى. قال فلا بأس إذن.[128]
[129]
106- قال عبد الملك: وحدثني أسد بن موسى عن حماد بن سلمة عن يزيد الرقاشي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "سيكون بعدي قوم يعتدون في الدعاء والطهور.
107- قال عبد الملك: فمن الاعتداء في الطهور ما وصفنا من شدة التوقي في الوضوء وكثرة صب الماء، وأشباه ذلك. ومن الاعتداء فيه أيضا لكل صلاة. والوضوء من غير حدث.
فقد حدثني المقرئ، عن أبي هلال الراسبي عن قتادة عن سعيد ابن المسيب أنه قال: "الوضوء من غير حدث اعتداء".
قال عبد الملك معناه من فعل ذلك إيجابا واستئناسا، فأما من فعله مرتغبا في الثواب، وهو غير موجبه، ولا متحريه أن يكون سنة فلا بأس به.
108- وحدثني المقرئ عن ابن أنعم عن أبي [الغطيف] الهذلي[[129] [130]
العمل في النسيان في الوضوء
109- قال عبد الملك: من نسي أو جهل فنكس وضوءه ولم يتابعه على الفريضة المعروضة مثل أن يغسل وجهه قبل أن يتمضمض أو يغسل ذراعيه قبل أن يغسل وجهه. أو يغسل رجليه قبل أن يسمح برأسه ثم صلى، فصلاته مجزية لا إعادة عليه لها في وقت ولا في غيره، غير أنه إن كان فعل ذلك متعمدا جاهلا بصوابه أو عالما بخطئه. فعليه ابتداء وضوئه لما يستقبل، كان ذلك في مسنون الوضوء أو في مفروضه.
صفحه ۱۹
110- وإنما أمرته بابتداء وضوئه إذا فعل ذلك في مسنون الوضوء لأنه إذا كان عالما بخطئه فقد تعمد ترك السنة والصواب فعليه أن يرجع إلى ما ترك فيفعله على سنته وصوابه، وإن كان فعل ذلك جاهلا، فعليه حين عرف بالصواب أن يعمل به، وإن كان فعل ذلك جاهلا، فعليه حين عرف بالصواب أن يعمل به، ويرجع إليه، وإن كان فعل ذلك ساهيا فوضوؤه تام. وليس عليه أن يبتديه ولا يصلح منه شيئا، لأنه صار في تقديمه ما قدم من مسنون الوضوء أو تأخيره كأنه كان نسيه ثم ذكره، فإنما يأخذ الماء له وحده. فلابد حينئذ من أن يكون قد وضعه في غير موضعه.
111- قال إذا كان تقديمه ما قدم من وضوئه أو تأخيره إنما وقع في مفروض الوضوء فلابد له وإن كان ناسيا من أن يصلحه لما يستقبل فيضعه مواضعه على تأليفه في كتاب الله.
112- وإن كان غسل ذراعيه قبل وجهه فإنه يعيد ذراعيه حتى يكون غسلهما بعد غسل وجهه. ثم يسمح برأسه وأذنيه، ويغسل رجله وكذلك لو مسح برأسه قبل غسل ذراعيه، فإنه يعيد المسح برأسه حتى يكون ذلك بعد غسل ذراعيه. ثم يغسل رجليه، وكذلك لو غسل رجليه قبل أن يمسح برأسه فإنه يعيد غسل رجليه حتى يكون غسلهما بعد مسحه برأسه ولا تبالي، كان ذلك بحضرة وضوئه، أو بعد أن تطاول أمره، أو قبل أن يصلي، أو بعد أن صلى، لابد له بعد أن يصلي بتقديم ما أخر، وتأخير ما قدم أن يعيد ما بعده. وكذلك سمعت مطرفا وابن الماجشون يقولان.
113- وقد كان ابن القاسم يقول: إن ذكر بحضرة وضوئه أصلح[131[ [132] وضوءه وغسيل ما بعده وإن كان قد طال أمره قدم [ما أخر على] ما قدم فقط ولا يغسل ما بعده.
114-قال عبد الملك:
وهذا خطأ [فيجب] إلا يغسل ما بعده لأنه إذا اقتصر على تقديم ما أخر أو تأخير ما قدم فقط لا يغسل ما بعده، لابد له من أن يكون قدم من وضوئه ما ينبغي أن يكون بعد هذا ولا يصلح الآن إلا أن يغسل ما بعده كما وصفت لك فوق هذا.
صفحه ۲۰