أنني صرت كبيرا ذا اعتبار •••
حينما ينطق أستاذي أصغي
واعيا ما قال، لا مفرطا
وهو مسرور بجدي، إذ أراه
دائما يبسم لي مغتبطا!
جحيم دانتي1 وقصة «الكوميديا الإلهية»
لا يزال «جحيم دانتي» معدودا أكبر قصة ذات حوادث رائعة في الدنيا، ولكن قليلا من الناس قد قرأه رغم ذلك، ولئن كان كثير من شعره صعب الفهم غير محبب إلى القارئ العصري أن يستمر في قراءته، ويشارك «دانتي» في رحلته الطويلة حيث جاس خلال الجحيم، فهو - مع ذلك - خيال رائع التورية والكناية، لا يتخلف إذا قيس خياله القوي إلى خيال شكسبير وملتن الذي اشتهرا به في أشعارهما.
وظاهر الكوميديا الإلهية وصف للجنة والنار والمطهر، وباطنها تصور حال الأرواح بعد الموت، مورية بذلك، ومكنية عن حاجة الإنسان إلى قبس روحاني ومرشد يكون له هاديا.
وقبل أن نبدأ السير مع دانتي في طريقه، ونجوس معه أنحاء الجحيم وأرجاءها، يجدر بنا أن نذكر أن «جحيم دانتي» ظل ماثلا - في أذهان من قرأوه - مشرقا بالحياة رائع الحقيقة واضح الصور بين التقاسيم، شأن أمثاله من الأسفار الخالدة: «كقصة روبنصن كروزو» و«رحلات جلفر»، كذلك تتمثل مناظر الجحيم الرائعة صورا مكتملة، وتظل خالدة في النفس، ماثلة في الذهن، باقية بقاء المناظر الأخاذة بالنفس التي يراها الإنسان فلا ينساها ما عاش، إذا نسي كل شيء سواها.
ولقد رسم لنا «دانتي» جحيمه على صورة هاوية عميقة هائلة تشبه مخروطا مقلوبا يلتقي بالأرض في منتصفها، ثم ينقسم في جانبيه عدة أقسام - طبقات بعضها فوق بعض - تضيق سعة بالطبع كلما هبط الإنسان من درك إلى درك، وكلما ازدادت شناعة الجرم سفل مكان الخاطئ فيها! (1) مدينة الويل
صفحه نامشخص