آگاهی: راهنمای مختصری برای معمای اصلی ذهن

احمد هنداوی d. 1450 AH
28

آگاهی: راهنمای مختصری برای معمای اصلی ذهن

الوعي: دليل موجز للغز الجوهري للعقل

ژانرها

عندما ننظر خارج سياق الحياة الحيوانية، حيث يسهل علينا أن نتخلى عن حدسنا الفطري المغروس فينا، نجد أنه من الصعب في الواقع أن نستشعر المنطق القائل بأن أي قدر من معالجة المعلومات - بغض النظر عن مدى تعقيدها - سوف يتسبب فجأة في أن تصبح «تلك العمليات» واعية. عندما تركض كلبتك لاستقبالك في نهاية اليوم، يبدو وعيها واضحا لك تماما مثل أي حقيقة أخرى. ولكن كما رأينا، حتى عندما نتخيل روبوتات تبدو وتتصرف مثل البشر، يبدو أننا نكون غير قادرين على تحديد ما إذا كانت ستصبح واعية أم لا. وبسبب أننا نخبر الوعي بسهولة، وأننا ننسبه إلى أشكال الحياة الأخرى عن طريق القياس بسهولة، فإن الوعي يبدو لنا كأنه مقدرة واضحة (ولا نشعر بصدمة مستمرة لكوننا نخبر شيئا ما في كل لحظة من لحظات يقظتنا).

18

يجب أن نندهش إزاء واقع أو حقيقة وعينا تماما كما كنا سنندهش لو علمنا أن أحدث هاتف ذكي في الأسواق يمتلك وعيا.

إن إحساسي الشخصي بالتحليل الصحيح لسر الوعي، سواء أكنا قادرين على الوصول إلى فهم حقيقي أم لا، لا يزال منقسما حاليا بين تفسير قائم على الدماغ وتفسير قائم على شمولية الوعي. لكن على الرغم من أنني لست مقتنعة بأن شمولية الوعي تقدم الإجابة الصحيحة، فإنني مقتنعة بأنه فئة صالحة من الحلول الممكنة التي لا يمكن رفضها بسهولة كما يعتقد كثير من الناس. ومع الأسف، يظل من الصعب على العلماء الانضمام إلى الحوار دون المخاطرة بتعريض مصداقيتهم للخطر. في مقال نشر عام 2017 بعنوان «عقلنة المادة»، يعبر آدم فرانك، أستاذ الفيزياء الفلكية بجامعة روتشستر، ببلاغة عن كل من لغز الوعي وممانعة العلماء لاقتراح نظريات مغامرة تتجاوز النظر إلى الوعي كنتيجة للمعالجة في الدماغ:

الأمر بسيط بقدر ما هو لا يمكن إنكاره: فبعد أكثر من قرن من الاستكشافات العميقة في العالم دون الذري، فإن أفضل نظرية لدينا عن «سلوك المادة» لا تزال تخبرنا بالقليل عن «ماهية المادة». يناشد الماديون الفيزياء أن تفسر العقل، لكن في الفيزياء الحديثة، تظل الجسيمات التي تشكل الدماغ، بطرق عديدة، غامضة مثل الوعي نفسه. ... وبدلا من محاولة التخلص من لغز العقل عن طريق إسناده إلى آليات المادة، يجب أن نتصدى للطبيعة المتشابكة للاثنين. ... قد يكون الوعي، على سبيل المثال، مثالا على ظهور كيان جديد في الكون غير موجود في قوانين الجسيمات. هناك أيضا احتمال أكثر جذرية وهو ضرورة إضافة شكل بدائي من الوعي إلى قائمة الأشياء، مثل الكتلة أو الشحنة الكهربائية، التي صنع منها العالم.

19

لكن بينما يستطيع الفيزيائيون النظريون بكل بساطة اقتراح أفكار مثل التنبؤات بنظرية الأوتار - من عشرة أبعاد (أو أكثر) من الفضاء إلى المشهد الشاسع لأكوان محتملة - ويتمتعون بالإنصات الكافي لأبحاثهم، فلا يزال يعد من المجازفة بسمعة المرء أن يشير إلى أن الوعي قد يوجد خارج الدماغ. يشير فرانك إلى وجود معيار مزدوج مماثل يطبق على تقييم التفسيرات المختلفة لميكانيكا الكم: «لماذا تعد لا نهائية الأكوان المتوازية في تفسير العوالم المتعددة موقفا رصينا وغاية في الجدية، بينما تضمين موضوع الإدراك [الوعي] يتعرض للإدانة باعتباره عبورا إلى شواطئ مناهضة العلم في أحسن الأحوال، أو الصوفية في أسوأ الأحوال؟»

على الرغم من أن بعض العلماء قد انقادوا على نحو طبيعي إلى رأي شمولية الوعي بشكل أو بآخر، إلا أن المصطلح لا يزال يعد مصطلحا روحيا شبه ديني. يوضح ديفيد سكربينا أنه عند ذكر فكرة أن العالم غير الحي يمتلك وعيا للمرة الأولى، تبدو الفكرة معادية للعلم لدرجة أنها تثير معارضة غريزية ومشتركة:

بمجرد عرض موقف مؤيد لشمولية الوعي، فإن المرء يواجه على الفور تهمة أنه يعتقد أن «الصخور واعية» - وهي جملة تعد مثيرة للسخرية على نحو واضح لدرجة أنه يمكن بطريقة آمنة وسريعة رفض مفهوم شمولية الوعي. ... قد نرى أوجه تماثل قوية بين العقل البشري وبعض الحيوانات؛ ولذا فإننا نطبق المفهوم [الوعي] عليها بدرجات متفاوتة من الثقة. قد لا نرى مثل أوجه التماثل هذه مع النباتات أو الأشياء غير الحية؛ لذا فإن عزو وعي إليها يبدو سخيفا. هذا هو انحيازنا البشري. وللتغلب على هذا المنظور البشري، يطلب منا شمولي الوعي رؤية «عقلية» الأشياء الأخرى ليس من حيث الوعي «الإنساني»، ولكن كجزء يسير من «خاصية كونية» معينة للأشياء المادية، خاصية تعد كلا من عقلية الكائنات غير الحية والوعي الإنساني تجليات خاصة لها.

20

صفحه نامشخص